لكل طبيب أشعة وتحليل

في المستشفى الحكومي يقع الطبيب تحت ضغوط المقارنة مع أحوال زميله في القطاع الخاص، وقد تكون له رجل هنا ورجل هناك، في كلا الحالين لا يقدم عملاً محسوساً لا هنا ولا هناك، وإذا أراد وزير الصحة الجديد ووزارة الصحة التحرك خطوة أولى لإصلاح الخدمات الصحية «ما يلمسه المريض» فلا بد من تخليصها من الاستلاب التجاري.

 جودة الخدمة الطبية في القطاع الخاص التي ينتظرها المريض تم امتصاصها بالجشع التجاري، وهذا بدوره أثر في الخدمة الصحية الحكومية بشكل غير مباشر، وليس في ما أطرحه دعوة للتدخل في رواتب ومميزات، هنا أركز على «روح» العلاقة بين عمل الطبيب والمستشفى الذي قام بتوظيفه، وهي «روح» تؤثر في المريض وتتحول إلى شبح مخيف، فإذا كان السبب الرئيس لتوظيف طبيب يعتمد على نسبة شطارته في «تشغيل» الأقسام الأخرى للمستشفى الخاص من أشعة ومختبرات وعلاج طبيعي وغرف عمليات! لا يتوقع إلا نتائج سلبية على الخدمة الصحية عموماً، وهذه الصيغة منتشرة في القطاع الخاص ليس في ذلك سر، لم يبق سوى اشتراطها بالبنط العريض عند إعلان طلب التوظيف.

 أصبح لكل طبيب أشعة وتحليل، إذ إنه لا يعترف بما سبق اجراؤه من طبيب آخر، أما الملف الطبي الذي كان فتحه بمبلغ قبل سنوات فلا قيمة له، كل طبيب يكتب فيه ولا يقرأه أحد، والدليل أن الطبيب يعيد أسئلة أساسية على المريض والملف مفتوح أمامه! وأسهل ما عليه نهر المريض «ليش ما قلت لي»؟ فلا وقت لديه للبحث عن معلومة حتى ولو كانت حساسية مفزعة من أحد الأدوية، الوقت مخصص للعدد، الكم، وبالكم ترتقي الأمم!! والطبيب الموزع بين العام والخاص مثل المتزوج مسيار، لا نعلم أيتهما من «يسيّر» عليها. أما إدارة المستشفى الخاص فلم يعد لها علاقة بالمريض بقدر علاقاتها بشركات التأمين و..المصارف، في حين أن إدارة المستشفى الحكومي لاعلاقة لها إلا بالواسطات. هل يستطيع وزير الصحة الجديد تصحيح هذه المعادلة؟ بمعنى أن يكون هدفه «تخليص الطبي من شوائب التجاري»، العلم عند الله تعالى، إنما الحقيقة أنه إذا قرر ذلك فسيواجه رجال أعمال وليس أطباء.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.