ملف شهادات الوفاة في المستشفيات

اعترض أهالي المتوفين في حريق مستشفى جازان على سبب الوفاة المدون في محضر، طلبت منهم إدارة المستشفى «التابع لوزارة الصحة» التوقيع عليها، وفي خبر نشر في إحدى الصحف قال ذوو المتوفين إن إدارة المستشفى كتبت أن أسباب الوفاة طبيعية، بعد الرفض والاعتراض منهم جرى التعديل إلى «اختناق ناتج من غاز أول إكسيد الكربون»، «من دون ذكر أنه ناتج من حريق مستشفى جازان وأن مكان الوفاة مستشفى الملك فهد المركزي».

ومن الواضح أن إدارة المستشفى، ومعها الوزارة، لديهم حرص على «التوثيق التاريخي»، يبدو أن سجل المستشفى والإدارة أهم من الحقيقة، فلا يترددون عن «تعميم» أسباب الوفاة كلما كان التعميم غير محدد للمسؤولية، ومن دون ممسك واضح، وإذا كانت الوزارة ممثلة في إدارة المستشفى تستسهل ولا تبالي» إذا أحسنَّا النية» في تدوين أن سبب الوفاة طبيعية في وفيات حريق مستشفى قضيته صارت قضية رأي عام وتحول إلى حدث تاريخي احتل مرتبة متقدمة في الكوارث العالمية من هذا النوع؟

إذا كان الأمر بهذه السهولة و«السيولة» والاستغفال الإداري، فماذا يحصل ويحدث لما يدوَّن من أسباب حالات الوفيات في المستشفيات كل يوم؟

من الحديث المتكتم عليه والذي يدور بعيداً عن الإعلام ويندر من يتطوع للإعلان عنه صراحة، ولاسيما من المختصين القريبين من المفاصل لأسباب لا تخفى، أن تدوين أسباب الوفيات في شهادات الوفاة في المستشفيات عليه علامات استفهام وقد يخفي الكثير من سوء التشخيص الطبي والأخطاء الطبية وتردِّي الخدمة الصحية. لقد جاء اعتراض أهالي المتوفين في حريق مستشفى جازان ليفتح هذا الملف على مصراعيه، مع تعارض المصالح بين «الدقة» في تدوين أسباب الوفيات و«سمعة» المستشفيات وإداراتها مع الأطباء التي يحرص عليها أكثر من الحرص على حياة المرضى وسلامتهم.

إن وزارة الصحة مطالبة بإعادة النظر في إجراءات إصدار شهادة الوفاة في المستشفيات، بحيث لا تخضع الأسباب الحقيقية للدفن والتكتم ولو فتح وزير الصحة هذا الملف ربما انكشفت عورة أخرى بعيدة عن العيون في الخدمات الطبية، وفي انكشافها والكشف عنها تنظيف لجروح وأورام هذا المرفق المريض.

 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.