التطبيق من داخل الصندوق

لا أقصد صندوق الطرد، السيفون – أعزكم الله – الذي وضع في الواجهة بعد تصريح وزير المياه، بل صندوق الفكر الإداري الحكومي وشبه الحكومي.
للعلم وللأمانة وزارة المياه التفتت للسيفون في حملة الترشيد طيبة الذكر وقامت بتوفير عدد من الأدوات منها كيس بلاستيكي يملأ بالماء ويوضع داخل صندوق الطرد، موفراً بعض الماء. ما فات على الوزارة والشركة هو البعد الزمني والمكاني، هذا «الفائت» يعطيك صورة عن الأجهزة «النائية»… اقرأ معي:
«الأدوات المرشدة لاستهلاك المياه موجودة بمعرض بيع أدوات الترشيد بمقر الوزارة امتداد طريق الملك فهد مقابل أسواق العويس».
كانت هذه إجابة وزارة المياه والكهرباء في «تويتر» على سؤال عن توافر أدوات الترشيد، والجواب هذا يخبر عن الكثير، إنه لا يخبر عن التفكير داخل الصندوق بل عن التطبيق من داخل الصندوق.
ما فات على الوزارة الأثر السلبي لطول المدة الزمنية ما بين ذروة حملة الترغيب باستخدام أدوات الترشيد وتطبيق التعرفة وهي مدة طويلة، يضاف إلى هذا أن الوزارة ومنذ إنشاء شركة المياه ضعفت توعوياً من حيث الكم والكيف إلى حد مستغرب. أدوات الترشيد غير موجودة إلا في مقر الوزارة، حسب ما جاء في التغريدة، هذا يذكرني بعذر دائم يستخدمه وزراء للرد على شكاوى حول نقص خدمة أو ضعفها، نرد بمثله على وزارة المياه «المملكة مترامية الأطراف!».
من الواضح الجلي أن الوزارة والشركة لم تكونا على استعداد حقيقي لتطبيق التعرفة المرتفعة، لا من حيث تهيئة الجمهور في مختلف الجوانب «أدوات الترشيد، وقراءة العدادات وفصل بعضها عن البعض، إلى آخره»، وهو أمر يستغرب الواحد حدوثه في شركة أو وزارة لو قرأت ديباجاتها في رسالتها ورؤيتها لجحظت عيناك. نستغرب النتيجة من دون حاجة لمكتب أو شركة استشارية أجنبية فرنسية أو موزنبيقية.
التفسير الوحيد لما حدث ويحدث هو العزلة المركّبة، هناك عزلة بين من يطبق ومن يطبق عليه، وعزلة داخل العزلة الأولى بين من يطبق وأدوات تطبيقه.
العزلة ليست في التواصل بل في معرفة وإدراك الوضع العام بتفاصيله الدقيقة والتجهيز للتعامل معه وفق ظروفه حتى يتحقق أكبر الفوائد مع أقل الأضرار. والسؤال كيف ستخرج «المياه» من هذه الورطة؟، سأحاول الإجابة في مقالة أخرى.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.