ضد الاستفزاز

وقعنا بين فكي استفزازين اثنين، واحد رسمي والثاني إعلامي، صادر ووارد ، و«المعاملة» عالقة!
وهذه مشكلة كبيرة ومؤسفة تعطي دلالة على مستوى الحوار حول قضايا الشأن العام، وحقيقة فائدة مثل هذا الحوار أو النقاش.
فإذا كان المسؤول لا يدرك أثر تصريحات له ولا يزنها كما يجب متوقعاً ومتجهزاً لردود فعلها، فلا يعني هذا أن ينساق زملاء إعلاميون في لقاءات مباشرة أو غير مباشرة إلى الرد بالمثل أو أشد.
لا علاقة للإعلام بالهواش وانتقاء سليط العبارات ولا برفع الصوت واستغلال إدارة المكان للتنفيس عن شحنات سلبية عامة، إن مثل هذا الاستغلال لا يختلف عن استغلال المسؤول لحصانة موقعه لينأى بنفسه عن من يخدمهم بحجة أنهم وأنهم.
وقد تعتري البعض منا حالة عصبية و«نرفزية» مما يحدث من أثر قرارات بداية من عدم التهيئة الجيدة إعلامياً وفنياً إلى سوء تطبيق لها مع إصرار «مثير» على أن الخطأ برمته من هناك! لكن لا يجب أن نقع في ما وقع فيه من نلاحظ وننتقد أسلوب عمله، وإلا بماذا نختلف عنه.
ليس في هذا ادعاء مثالية بل محاولة للفرملة ونقطة نظام تستهدف التصويب لئلا تكثر البالونات الفارغة، وكل منا يمكن أن يقع في خطأ لكن من المستفز أن يستمرئ هذا الخطأ ليصبح أسلوباً أو يحاول بناء برج شاهق عليه.
«الهواش» والتلاسن ليس من الإعلام، وليس من الإعلام أيضاً استعراض العضلات برفع الصوت وحدة الكلمات، من البديهي أن هذا ليس من الذوق أيضاً. هناك وسائل عدة للإثارة والشد والجذب بثراء المحتوى والتجهيز الجيد.
ما الفرق بين هذا وما يحدث من صراعات على وسائل التواصل الاجتماعي بين أفراد وتيارات وصلت إلى حد استخدام كل مخزون العبارات المسيئة لتصل إلى اتهامات في العقيدة والوطنية، وما الفرق بين هذا وما يحدث في برامج «المهاوشات» الرياضية.
وكما أن الواحد منا لا يرضى الإساءة لإعلامي يعمل في أي وسيلة، من باب العدل والتوازن ألا نرضى أن يكون الإعلام ساحة للإساءة سواءً لمسؤول أم غيره. تعمدت عدم ذكر أسماء لئلا أفهم خطأ، ولأن الهدف أبعد، فالقصد التحوط من تشكل موجات على الشاكلة نفسها، وإذا كنا نرى في الإعلام جسداً ضخماً مع عدم فاعلية منتظرة فإن الأكثر استفزازاً أن نراه يكاد ينساق إلى ما يحدث في وسائل تواصل من تراشق غير مسؤول، وبدلاً من تقديم نموذج أفضل لها يحاكيها وينافسها تدحرجاً في منحدر.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.