وهم «المجتمع الدولي»

بعد قرار الأمين العام للأمم المتحدة إدراج التحالف العربي في اليمن على قائمته السوداء مساوياً إياه بميليشيات الحوثي وصالح في «انتهاك حقوق الأطفال»، استعدْتُ حديث العاهل المغربي الملك محمد السادس في القمة الخليجية المغربية التي عقدت في الرياض أخيراً، عن الدور السلبي لموظفي الأمم المتحدة الذين ينتدبهم الأمين العام للوساطة في الصراعات الدولية، وهو حديث كتبت عنه في حينه لأهميته، ولكون الأمم المتحدة، سكرتارية ومبعوثين، تُستخدم أداة في أيدي الكبار، خصوصاً الولايات المتحدة.
والتعامل مع هذا الموقف من الأمين العام لهيئة للأمم المتحدة ومبعوثه يجب أن يشمل التعامل مع أجهزة المنظمة الدولية نفسها. وإذا أخذنا الدور الذي قامت وتقوم به السعودية والإمارات، خصوصاً لكونهما العصب الرئيس للتحالف العربي مع الشرعية اليمنية، سنرى أنه كان تعاملاً مثالياً إلى حد بعيد داخل اليمن وخارجه، في مساعدة أجهزة الأمم المتحدة في مواقع أخرى من العالم ودعمها.
وعند أول اختبار لهذه المنظمة الأممية في صراع مثل ما يحدث في اليمن مع ميليشيات وقوات أدانتها الأمم المتحدة نفسها بقرارات ملزمة لا تحتمل اللبس، سنجد أنها انكشفت وتعرت بما يفعل مندوباها الأول والثاني. الأمين العام كما هو معروف يعتمد على تقارير مبعوثه أو «يتعذر» بها، وهما لا شك مصدر «قلق» لنا في كل «تجاربهما» في القضايا العربية.
ومع كل جرائم الحوثي وصالح، لم يصدر عن المبعوث ولا عن الأمين العام إدانة واحدة واضحة صريحة خاصة بالحوثي وصالح، على رغم المجازر والحصار والخطف والقتل. وفي كل التصريحات التي يطلقها المبعوث إسماعيل ولد الشيخ أحمد، يحاول جاهداً التعامي والتغافل عن تلك الجرائم تحت عبارات فضفاضة عن المفاوضات والسلام. لذلك فالموقف من «أجهزة» وموظفي الأمم المتحدة، خصوصاً في ما يتعلق بالمساعدات و«دعم» البرامج والموازنات، تجب إعادة النظر فيه بما يتوافق مع المصالح الوطنية العليا.
للشيخ عبدالحميد كشك رحمه الله مقولة شهيرة -صادقة ودقيقة- عن هيئة الأمم المتحدة، قال: «إذا احتكمت دولتان صغيرتان إلى هيئة الأمم المتحدة ضاعت الدولتان الصغيرتان معاً، وإذا احتكمت دولة صغيرة ودولة كبيرة إلى هيئة الأمم المتحدة ضاعت الدولة الصغيرة، أما إذا احتكمت دولتان كبيرتان إلى هيئة الأمم المتحدة ضاعت الأمم المتحدة نفسها».

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.