تجار الحجّ تحت أيّ اسم كانوا يعملون هم من يجب مواجهتهم، أولئك الذين لا يرون في هذا الموسم إلا فرصة سنوية تجارية يجب اهتبالها حتى النخاع، غير مقدرين أو مهتمين بالآثار والتداعيات. من حق كل من يقدم خدمة أن يحقق ربحاً شرط أن يفي بالخدمات التي يعد بها، ومثلما واجهت السلطات بعض العمالة التي تهرب الأضاحي إلى خارج مكة المكرمة لبيعها على مطاعم جدة والطائف، يجب عليها أن تواجه مَن يستقدم الضحايا إلى مكة المكرمة، وليست لديه القدرة على توفير الحدّ الأدنى من الخدمات.
من الممكن حساب القدرة الاستيعابية لجغرافية منى، وتقدير ما يمكن استقباله من الحجاج، فليس هذا من الألغاز الصعبة. وقد أوضح اللواء منصور التركي محدودية مساحة المشاعر المقدسة، وتزايد عدد الحجاج بنسبة 1500 في المئة، وهي نسبة ضخمة لن تستوعبها مستقبلاً أية توسعات، وهو ما يجب أن تتفهمه الدول الإسلامية، ويعاد النظر في نسب كل دولة. أما قضية نفرة الحجاج من عرفات إلى مزدلفة، والتي هي الصداع السنوي لرجال المرور، فإن من السهولة بمكان حلها من خلال قطار متعدد الرحلات لتبقى الطرقات لسيارات الأمن والخدمات. الجسور والأنفاق التي تشيدها السعودية في مكة المكرمة لا تستخدم طاقتها الاستيعابية سوى في موسم الحج فلماذا لا يصار إلى حل القطار؟ لماذا ننتظر المشروع الحيوي الذي يربط أجزاء السعودية ببعضها بعضاً؛ ليكون هذا جزءاً منه؟ وتكاليفه لن تتجاوز كثيراً تكاليف استقدام الباصات وسائقيها من الخارج لسنوات محدودة، على الأقل في القطار ستكون هناك مقاعد متشابهة للحجاج! تصوّر أن قطاراً ينقل الحاج من عرفات إلى مزدلفة وبقية المشاعر كيف سيفك اختناقات لا يمكن تخيلها إلا لمن حج وعاين الحال بعينيه أو اضطر للمكوث ساعات طويلة في سيارته وهو يرى الراجل أسرع منه، تخيله شيخاً مسناً مريضاً مقعداً! كأني أرى القطار أمامي الآن وقد تم افتراشه.
أما قضية الحجاج غير النظاميين فتسأل عنها نقاط التفتيش وما يشاع عن تجاوزات في منح تراخيص الحج.
ومن الملاحظ أن نسبة مهمة من حجاج الخارج الذين تلتقي بهم وسائل الإعلام يتفاخرون بأنهم حجوا العام الماضي والذي سبقه، وبعضهم يتحدث عن عشر حجات! وهي علامة استفهام كبيرة تسأل عنها تلك الدول، ومن المهم توعيتهم من قبل علمائهم. وعلى ذكر التوعية كانت وزارة الحج قد طرحت قبل أشهر طويلة مشروعاً لتوعية الحجاج في بلدانهم ولم نجد له أثراً! بل طالعنا تصريحاً لوكيل وزارة الحج ألقى فيه باللائمة على جهات أخرى.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط