بهدوء

لا يمكن اختزال موسم الحج في حادثتين،  هذا من باب الإنصاف، و على رغم أن موسم الحج أصبح موسماً تكتنفه بعض الحساسية السعودية، وهي حساسية البحث عن الكمال وإحسان الضيافة للحجاج، والتحسب من الضواري الإعلامية والسياسية المتربصة والمستعدة للنهش والحش، إلا أن الواجب يحتم علينا البحث عن أوجه القصور، من دون رمي المسؤوليات يميناً ويساراً، والمسؤول الذي يقول لرئيسه إن كل شيء عال العال وهو يعلم بأوجه القصور والخلل، هو في الحقيقة يجمل  منصبه بالتدليس والمراوغة، تجمله ذاك من أسباب تراكم الأخطاء، والمقرب من المسؤول الذي يلهج لسانه في حضوره  بتعداد الحسنات وإغفال ذكر الأخطاء أو التعتيم عليها، تقرباً كما يعتقد، واحد من أسباب تكرار الأخطاء، يندفع البعض لمثل هذا السلوك لأنهم حصلوا لأنفسهم على ما يبتغون، حتى ولو كان خيمة في منى، وهذا ليس من الأمانة في شيء، ومثلما نطالب بمواجهة عادة الافتراش السنوية لبعض الحجاج ومعرفة أسبابها لتلافيها مستقبلاً، يجب أن نواجه ظاهرة حج الخمس نجوم، و نحن نعلم أن مساحة منى محدودة، فإذا كان لدى البعض من الحجاج القدرة على الحصول على مساحات أكبر من حاجتهم لأنهم دفعوا أكثر، أو لمكانتهم الاجتماعية، فإن ذلك سيكون على حساب آخرين، والحجاج الذين يرتدون الرداء نفسه ويقومون بالشعائر نفسها في هذا النسك العظيم، لا يسكنون المساكن نفسها ولا تتوافر لهم  الخدمات نفسها، هذه حقيقة كانت موجودة وما زالت،  ولأن المساحة الجغرافية محدودة فلابد من أن يكون هذا على حساب ذاك.
والذي يعتقد أن هناك سبباً واحداً لحوادث الحج مخطئ، من الطبيعي أن تحصل حوادث عند تواجد هذه الجموع المختلفة العادات واللغات في مساحة محدودة،  وإذا نظرت إلى واقع الشعوب الإسلامية إجمالاً، ترى أنها أبعد ما تكون من النظام والالتزام، لأسباب اقتصادية واجتماعية وثقافية وحتى سياسية، وإذا نظرت إلى أن الزلزال الذي يقع في اليابان مثلاً لا يحدث الخسائر في الأرواح نفسها التي يحدثها زلزال مماثل في بنغلاديش أو اندونيسيا أو حتى مصر، تعرف الفرق، لكن من غير الطبيعي أن تكون أحداثاً جماعية!
الافتراش أحد أسباب الحوادث في الحج، لكن من المسؤول عن جذوره ونشوئه؟ لو تفحصنا سنجد جهات حكومية متعددة هي المسؤولة، إما لأنها تباطأت أو لأنها قصرت في الحسم والحزم، وإذا علمت أن موسم هذا الحج شهد ظاهرة جديدة لاستخدام الدبابات (الدراجات النارية) لنقل الحجاج،  بكل ما تحدثه هذه الوسيلة من إرباك، تعلم أن تجار الحج من الممكن أن يقدموا على مالا تتوقع، وغداً بعون الله نكمل.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.