التحقق من «المبادرات» الخيرية

بعيداً عن أعمال الجمعيات الخيرية من تبرعات ومبادرات، فهذه من القضايا المطروحة غالباً، فكرة هذه المقالة تركز على المبادرات الخيرية، التي ينتشر إعلان عنها بين الناس في وسائل التواصل ولا يُعلم مقدار صحتها.
أرسل إليَّ صديق رسالة «واتسية»، تقول إن منشأة تتبرع بثياب للأيتام، وفي الرسالة اسم للمنشأة ومطالبة بأن «لا تقف عندك أرسلها فغيرك قد يحتاجها»، وهي العبارة الأكثر استخداماً بعد الجملة الشهيرة «انشر تؤجر».
سألت صديقي هل أنت على ثقة من صحة ما ورد في الرسالة؟ فأجاب بأن من أرسلها له… ثقة، سألت مرة أخرى، هل هذا الشخص الثقة واثق من صحة مضمون الرسالة، فأجاب لا أدري!
اتفقت معه على الاتصال بالرقم المنشور في الرسالة للتحقق، أرسلت للرقم رسالة استفسار، فلم ترد إجابة ولا بعد أيام، اتصلت بالرقم أيضاً لا إجابة. وحتى لحظة كتابة المقالة ليس لديَّ يقين هل «المبادرة الخيرية» تلك صحيحة أم لا، مع أني أقرب لتوقع أنها غير صحيحة، بدليل عدم التجاوب.
وأتذكر قبل نظام الاحتراف في كرة القدم أننا كنا نعتقد أن معظم لاعبي كرة القدم من الأثرياء، أو من المكتفين بالحد الأدنى، ولديهم سيارات فارهة وآخر موديل، هذا الانطباع تولّد من كثرة أخبار التبرعات التي تنشر في الصحف بعد كل فوز وحصول على درع أو كأس، مع ظهور صورة واسم المتبرع ومبلغ التبرع أو نوع السيارة. لكن حينما نسأل بعض اللاعبين «وهم راكبين وانيتات» أو الأكثر قرباً من كواليس الوسط الرياضي، نكتشف أنها «سواليف جرايد»! ومن تجربة سابقة في العمل الخيري، لديَّ علم أنه ليس كل ما يُعلن من تبرع يعني أنه واقع، وسبق وكتبت عن هذا.
كان هذا يحدث في صحف لديها رئيس تحرير ومحررون بالأسماء، مع ما يعني ذلك من مسؤولية النشر، فكيف بالحال الآن مع وسائل تواصل يمكن أن تضع فيها رسالة «مظبطة» لترسل إلى قروب ثم «تدل دربها»!
من هنا أقترح على وزارة العمل و«التنمية الاجتماعية»، بحكم أنها المعنية بالإشراف على الأعمال الخيرية، التحقق من صحة وصدقية ما يُتناقل في وسائل التواصل من «مبادرات» خيرية، حتى نحافظ على صدقية وصحة العمل الخيري، وحتى لا يتكسب البعض «دعائياً» من دون وجه حق، بسبب ثغرة سهولة تناقل وتدفق المعلومات، مع «وقود» يدفع البعض لفعل الخير بمزيد من «الإرسال»، والضحية هنا مع الصدقية والثقة هو المحتاج الضعيف.
 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.