العقوق في القطاع الصحي

وأركز على القطاع الكبير الضخم في نموذج من نماذج عقوق القطاع الخاص الصحي الذي قام وازدهر بالدعم الحكومي بوسائل مختلفة. لقد شاهدنا خلال السنوات الماضية ازدهاراً للقطاع الصحي الخاص، وافتتاح فروع له في الداخل والخارج، ولم يكن لهذا أن يكون لولا ضعف خدمات وزارة الصحة وتراجعها عن الوفاء بالحاجات ودعم الدولة بالقروض والتسهيلات وغيرها للقطاع الصحي الخاص.
منذ فترة تقوم وزارة الصحة بما يكمن تسميته إعادة تقويم لعلاقتها مع عدد من المستشفيات الخاصة الكبيرة، فمن المعروف أن الوزارة تحيل عدداً من الحالات إلى هذه المستشفيات و«تحجز» عدداً من الأسرة فيها، ويبدو أن الوزارة أخيراً أصبحت تدقق أكثر من ذي قبل في الفواتير التي تقدمها تلك المستشفيات كرسوم وأسعار لخدمتها للمرضى المحولين، ونتيجة لهذا التدقيق الذي لم تتعوده تلك المستشفيات – على ما يبدو – طوال سنوات ماضية، نشأت خلافات وإشكاليات، وأصبحت بعض المستشفيات تضغط على مرضى كانوا ضمن تلك الاتفاقات للخروج.
ومع التقدير لجهود وزارة الصحة في التدقيق والحد من استغلال المال العام، يجب النظر بعين الاهتمام لأوضاع المرضى، فلا يتركون ضحايا لإدارات هذه المستشفيات، فللأسف أصبح الطابع التجاري «الحاف» هو المسيطر على إدارات في القطاع الطبي الخاص، ولا شك في أنه ليس بمقدور كل المرضى الحصول على واسطة أو سرير في مستشفى آخر مع أوضاع مستشفيات حكومية لا تغيب عن البال.
وكان من المأمول من القطاع الصحي الخاص الضخم أنه بعد أن شب عن الطوق وأصبح متعدد الفروع وبالغ الضخامة واستثمارات أصحابه فاضت إلى قطاعات أخرى، أن يعيد بعض الجميل للحكومة، فالصحة الوزارة لا تختلف عن المالية التي تقدم القروض، كلتاهما حكومة تتبع لدولة تمر بضائقة اقتصادية، ومواطنوها حتى البسطاء منهم يتحملون العبء الأكبر من تبعات هذه الضائقة ومحاولة الخروج منها.
لكن للأسف هذا لم يحدث، وهو ما يجب أن تضعه وزارة الصحة في اعتبارها، خصوصاً وهي بصدد خصخصة بعض مستشفياتها، يجب أن يكون هذا «السجل» حاضراً على الطاولة عن تقديم العروض وفرزها في المستقبل القريب.

 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.