مشهد حيّ يحكي حال النفاق التي تعانيها السياسة الأميركية – الأوروبية، ممنوع الحديث عن الأسلحة النووية الإسرائيلية، ومطلوب منكم أنتم أيها العرب والمسلمون أن تنتقدوا وتستنكروا محاولات إيران الحصول على هذا السلاح المدمر، لا يجوز ذكر أسلحة إسرائيل النووية في البيانات الختامية التي يشارك فيها الأميركيون والأوروبيون، فقط الحث مركز على ضرورة ذكر النوايا الإيرانية وأخطارها وإدانتها، لذلك كان التلاسن الذي حدث بين الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ووزير الخارجية الألماني نهاية الأسبوع الماضي، الأول أصرّ على ذكر الأسلحة النووية الإسرائيلية وطالب بنزع أسلحة الدمار الشامل من المنطقة، والألماني رفض الإشارة إلى السلاح الإسرائيلي. استماتة الوزير الألماني ليست جديدة على السياسة الغربية، ولم يشجع على استمرار هذا النهج سوى حرص بعض الساسة العرب على المجاملة. كان وما زال كثير منهم يتشوقون إلى الحصول على وجهات نظر متطابقة في البيانات الختامية، عند الزيارات والمباحثات، ولأجل التطابق لا بدّ من التنازل أو عدم الطرح أصلاً.
السلاح النووي الإسرائيلي شيّد وتمت رعايته بدعم أوروبي أميركي، هذه حقيقة، والذين يتراكضون الآن لحث إيران على إعادة النظر في ملفها النووي وتحذيرها من “مواجهة المجتمع الدولي” هم مَن أسهم في بناء أخطر ترسانة نووية تقع على بعد عشرات الكيلومترات منا.
لماذا يصرّ وزير أوروبي على عدم ذكر سلاح إسرائيل النووي في بيان سيتبخر في الهواء مثل غيره؟ أليس وزيراً في بلد ديموقراطي يقدس الحرية وحقوق الإنسان وينبذ أسلحة الدمار الشامل؟ هل يخاف على منصبه أو حزبه؟ هل هو مقيد إلى هذا الحد، أم أنه لا يرى خطراً على أمته من هذا السلاح؟!
لقد فشل العرب والمسلمون في فتح ملف خطر ترسانة السلاح النووي الإسرائيلي رغم أنه يقع على بعد أمتار من منازلهم، وسايروا رغبة الصمت الغربية عنه، وعلى رغم أن علماء إسرائيليين انشقوا وفضحوا الترسانة الصهيونية، وعلى رغم نشر بعض وسائل الإعلام عنها، وعلى فترات متباعدة، إلا أننا فشلنا في وضع هذا الملف على طاولة هيئة الأمم المتحدة ليصل إلى مجلس الأمن.. كان فشلاً ذريعاً.
إن إصرار عمرو موسى موقف يقدّر له وللجامعة العربية، ولو اتخذ الساسة العرب عند مباحثاتهم مع الغربيين مواقف مشابهة لربما تخلخل السور. لا بدّ أن تستفيد السياسة العربية من تأزم الوضع بين الغرب وإيران حول ملفها النووي، هذا أفضل وقت للإصرار على فتح ملف إسرائيل النووي، ربما نفاجأ بإعلان من الساسة الأميركيين والأوروبيين عن أنهم لا يعتبرونه سلاحاً مدمراً لهم، بل سلاح في أيديهم، وموجّه ضدّ الأعداء!
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط