أكل الضب بين العرب والفرس ( 1من 2)

صديق من الأحواز العربية يراسلني – بحسب ظروف المنع والحجب في إيران – يسأل عن حقيقة أكل الضب عند العرب. بدا لي أنه مستغرب، وسبب سؤاله أنه في نقاشاته مع الفرس المعاصرين هناك في إيران، وحين تظهر العنصرية الفارسية ينتقص الفرس العرب، لأنهم يأكلون أو أكلوا لحم الضب! وفي الأدبيات الفارسية الشهيرة بعض من ذلك الانتقاص والتحقير، مثل كتاب «الشاهنامه» وغيره، ويراد منه تصوير انحطاط العرب. فهم البدو الرحل ساكنو الصحارى الفقيرة وما إلى ذلك، فحتى شرب حليب الإبل مضر في عرفهم، ومن دلائل الانحطاط!
ولهذا سببٌ ثأريّ قوميّ، جاء نتيجة ورد فعل على الفتح الإسلامي الذي تم على يد العرب لبلاد فارس، لكن هناك ما هو أعمق منه، ومن الاستخدام السياسي الشعوبي له، حول هذا الموضوع هنا ورقة فريدة لأستاذ «التاريخ الإيراني والعالم الفارسي» في جامعة كاليفورنيا «توراج داريائي»، ترجمها للعربية مشكوراً الأستاذ حسام عيتاني، ونشرها موقع «كلمن». يخلص فيها إلى ما يمكن اعتباره الجذر العميق لانشغال العقل الفارسي بالضب وأكله عند العرب، وقبل الكشف عن هذه الجذور، يشير أستاذ التاريخ الفارسي إلى استخدامها السياسي كالتالي: «وردت إشارات إلى غذاء العرب البدو عند شعراء وكتاب القرون الوسطى الفرس، واستخدمت لاحقاً في الحقبة القاجارية، كجزء من الحملة الدعائية القومية ضد العرب، وظلت مستخدمة لفترة طويلة في القرن الـ20. وجعل الباحثون والمتأدبون في العهدين القاجاري والبهلوي من «العرب» و«آكلي الجراد» كلمتين مترادفتين، وحفروا ذلك في أذهان الشعب». انتهى الاقتباس.
وهذا من ضعف الحيلة وقلة الذخيرة لديهم، فإذا لم يكن هناك من عيب أو نقص لدى العرب سوى أنهم أكلوا الجراد أو الضب في أوقات فقرهم أو أنهم قدموا من الصحراء فهذا لا يقلل من قيمتهم، بل هو دليل على أنه مع هذه «الإمكانات» البسيطة استطاعوا تحقيق إنجاز فريد غيّر وجه العالم لسبب غير خفي، لكن تغيبه عمداً عنصرية الذهنية الفارسية، وهو أن العرب حملوا بكل إيمان رسالة سماوية، هي سبب تمكينهم من أرض فارس وغيرها. ولسنا بحاجة إلى الدفاع عن الضب ولا الترغيب بأكله، مع أن ذلك اندثر تقريباً اللهم إلا من قلة نادرة «يتفكهون» بتناوله، بعض منهم يعتقد بفوائد لم تثبت علمياً، كما أنه ليس وجبة من وجبات المائدة العربية، لا البادية منها ولا الحاضرة، ولي في ذلك مقالات تدعو لحمايته من الانقراض، والعرب لا يختلفون عن شعوب الأرض الأخرى، فرضت عليها البيئة التي يعيشون وسطها عادات وتقاليد ونظاماً غذائياً تغير بتغيرها. وللموضوع تتمة غداً، إن شاء الله.

 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليق واحد على أكل الضب بين العرب والفرس ( 1من 2)

  1. عبد الرحمن الرزيحى كتب:

    عندما تذمر قوم بنى انف الناقة من تعيير العرب لهم بهذه الكنية استعانوا بالشاعر الحطيئة والذى جعل هذا الوصف مفخرة لهم بقوله قوم هم الانف والاذناب غيرهم……فمن يجارى بانف الناقة الذنب اليس للعرب مفخرة ان ياكلوا اشد الحيوانات تحملا للصحراء بحرها وعطشها لا شك ان طباعهم ستتاثر من هذه التغذية

التعليقات مغلقة.