الحرية

يقول الدكتور عبدالوهاب المسيري، متعه الله بالعافية، وهو المتخصص في الصهيونية، أن قضية المحرقة النازية (الهولوكست) قضية خلافية، وأن منشأها اقتصادي، كان الدكتور القدير يجيب على سؤال للكاتب المذيع حمدي قنديل، في برنامجه المميز “قلم رصاص” في قناة دبي، والمسيري مفكر فذ، تخصص في علم ندر التخصص فيه في عالمنا الإسلامي، على رغم أهميته لمستقبلنا! وسبق أن أصدر موسوعة ضخمة أخذ العمل فيها من صحته الكثير.
وفي اللقاء القصير، أوضح  الدكتور أن الحضارة الغربية المادية التي تقدس الإنتاج الاقتصادي هي المسؤولة نظرياً وفكرياً، وعندما سأله الأستاذ قنديل: هل يشكك بحدوث المحرقة، أجاب بأنه لا يمكن أن يقول ذلك، لكنه يؤكد  أنها استخدمت في غير سياقها، وأصبحت في الفكر الغربي “أيقونة” وحقيقة مطلقة.
من هذا نعلم أن اليهود لم يكونوا هم فقط من تعرض للإبادة، بل كان هناك كثيرون غيرهم، حتى من المعوقين، لأنهم لم يكونوا منتجين بحسب رؤية النازية… الغربية.
عالم  كبير مثل الدكتور عبدالوهاب المسيري لم يعط حقه إعلامياً، ولم يُستفد من علمه وتخصصه النادر، وأتمنى أن يكون قد خلف طلاباً نجباء يحملون الراية من بعده… أطال الله في عمره.
 وعلى رغم أن المحرقة النازية قضية خلافية، كما أشار عالم محترم مشهود له، إلا أن الإعلام الغربي المشبع بالحرية لا يستطيع حتى مجرد مناقشتها، على رغم تشبثه بالحرية المزعومة، التي تكون مقدسة ولا يجوز التنازل عنها، بل يسمح لنفسه اعتماداً عليها بالتطاول على مقدسات الآخرين.
ولا أريد من الإعلام الدنماركي أوغيره، من المتطاولين على الإسلام والمسلمين، أن ينفوا حدوث المحرقة النازية، بل أريد أن أثبت لبعض الإخوة ممن لا يزالون مقتنعين بأن ما يسمى “الحرية الإعلامية” في الغرب هي الأخرى حقيقة مطلقة، أن هذا غير دقيق.
تصبح الحرية الإعلامية مقدسة لديهم إذا لم تؤذهم هم فقط لا غير، ولأن الدوائر الصهيونية قوية النفوذ ولسانها طويل، وأساليبها مبتكرة ومتقدمة في التأثير، لا يستطيعون مناقشة قضية خلافية مثل المحرقة النازية، بل إنهم لا يستطيعون حتى مجرد مناقشة عدد ضحايا هذه المحرقة، ولم يتمكنوا، بل لم  يبادروا إلى الدفاع عن بعض الأحرار من المفكرين والمثقفين الغربيين الذي تجرأوا على البحث في هذه القضية، وخرجوا بنتائج تتعارض مع حقيقتهم المقدسة تلك، فكان أن همشوا وحوربوا ولم ينتصر لهم أحد.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.