إبراء ذمة

توقفت طويلاً عند إعلان على ربع صفحة لأحد رجال الأعمال نشر إعلاناً في جريدة الرياض، يطلب فيه مِن كل مَن له حقوق مالية أو غيرها عليه… أن يقدم ما لديه من أوراق ثبوتية لتبرئة الذمة في الحياة، ويذكر الرجل لكل من يهمه الأمر أنه بصحة جيدة ولله الحمد، وفي الإعلان يخاطب من عليهم حقوق له بأن يتقوا الله في أنفسهم.
الرجل يريد إبراء ذمته وهو صحيح معافى، جرت العادة أن ينشر الورثة إعلانات إبراء الذمة عن المتوفى، أما إعلان بهذه الصورة فهو سابقة، بحسب اطلاعي، وأراها سنة حميدة تحسب للرجل. وفي هذا العام، بل أواخر العام الهجري المنصرم – وكل عام وانتم بخير – كثرت رسائل الجوال التي تهنئ بالعام الجديد، ويطلب فيها المرسل من المرسل إليه أن يسامحه إن كان أخطأ في حقه عمداً أو عن غير قصد.
أن نطلب الصفح والمسامحة أمر جميل، عام مضى من المؤكد أن الواحد منا أخطأ في حق الكثير، وأقول من المؤكد لأننا بشر خطاؤون، والمسامح كريم، ولأنني أكتب هنا منذ عام كامل فلا بد من أن أطلب الصفح من كل من أعتقد أنني أسأت إليه، قارئاً كان أو مسؤولاً، والكاتب أكثر من يخطئ، لكنا نجتهد في قضايا كثيرة نخطئ ونصيب، والأجر على الله، وسوء الفهم لما يقصده الكاتب يجعل البعض يبحث ويفسر وربما يستعين بمستشار للتحليل والغوص في ما بين السطور، وعلى رغم هذا فالمسامح كريم، ومن المهم ذكر الزملاء في الحياة عموماً، وبالذات الزميل العزيز جداً “سعادة الرقيب” الذي أزعجته كثيراً، ولا أنسى الإشارة إلى صفحي عن كل من أخطأ في حقي.
والأكثر تقدماً من طلب العفو والصفح هو أن يعمل الواحد منا على خفض حجم الإساءات للآخرين إلى أقل نسبة ممكنة، هل نستطيع فعل ذلك؟ أطرح السؤال على نفسي أولاً.
 أما في ما يتعلق بالتعامل المالي فحدث ولا حرج، الذمة أصبحت واسعة جداً، والقاعدة المعمول بها عند نسبة مهمة منا، للأسف، في ما يتعلق بإعادة حقوق الآخرين، هي “شعرة من جلد… فائدة”!
 والمواطن الذي بادر بالإعلان، وهو في كامل قواه العقلية والصحية، وضع من له حقوق عليه في الأولوية، ثم ذكر من عليهم حقوق له، هكذا يجب أن يكون الترتيب وإلا فلا، تصور لو أن كل من عليه حق بنهاية العام يعيد حساباته، ويمعن فيها، ويعيدها لأصحابها، تخيل ذلك، ألا تتوقع مثلي ازدحاماً في الشوارع يشابه ازدحام ليلة العيد.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.