حملات ولكن

كنت أحلم بأن الحملات الأمنية المكثفة، بما كشفته من ممارسات يترنح  لها مقياس ريختر ستغير واقع الأجهزة الرقابية في بلادنا، هذا الواقع المر كنّا نعلمه علم اليقين، أتعب الكتّاب أنفسهم في طرحه، والموقِّع أدناه واحد منهم، والمستهلك يصيح بأعلى صوته منذ زمن طويل ولم يتغير شيء يذكر، لكن مع الحملات الأمنية المكثفة أصبح هناك كثير من القضايا المدونة في محاضر، وعلم القاصي والداني وقبلهم المسؤولون عن الجهات الرقابية بالأوضاع الحقيقية، فماذا تم في إصلاح هذه الأجهزة؟
لا شيء يذكر، فقط عضوية في الحملات الأمنية! وإشادة إعلامية مستمرة بها وهو حق واجب، لكن الإعلام لا يناقش لماذا حصل ما حصل؟ خصوصاً أن هناك جهازاً رسمياً رقابياً مخصصاً لمواجهة ما حصل.
بعد شهور على الحملات الأمنية، هل ازدادت ثقة المواطن والمقيم بما يأكل على سبيل المثال، هل تعتقد أن الرقابة على المطاعم تحسنت، أقرأ خبراً عن إقفال صيدليات بسبب مخالفات، والتصريح الرسمي لا يذكر ماهية هذه المخالفات، وكأن القارئ قاصر لا يجب أن يعلم ماهية المخالفات ونحن في موضوع دواء وعلاج!
هل تحسنت آليات الرقابة على التزوير في الأوراق الثبوتية والشهادات ونحن ما زلنا نقرأ عن نجار  تخصص في الصيدلة وكهربائي ترقى إلى

طبيب، كهربائي طبيب! من المؤكد أنه يسأل المرضى عن “الفيوز”، ثم يشخص عن نوع “التماس” الحاصل في جسد المريض.
أطرف شيء في قصة الطبيب الكهربائي أن عيادته تقع أمام مستوصف طبي، من الواضح أنه موقع استراتيجي يدل على حسن الخدمات.
قيمة وأثر الحملات الأمنية لا يجب أن يكونا آنيين، بل يجب أن تعيد صياغة الأوضاع الرقابية في البلديات والتجارة والصحة والأمن، هنا نكون حققنا شيئاً متوازناً، أما ما يحدث الآن فهو يشبه الغرف من مستنقع “بملعقة”، وهو شبيه بملاحقة “توم وجيري”، والخطورة في الأمر أن الأجهزة الرقابية ستنسى واجباتها بسبب الحملات الأمنية، المشاركة مع هذه الحملات فقط ستكون هي الدوام الوحيد، بمعنى أنها ستعتمد على هذه الحملات.
لا بد أن نشد على أيدي المسؤولين في وزارة الداخلية وإمارات المناطق فهم استوعبوا الوضع وخطورته، لذلك استمرت الحملات، لكن أين الجهات التي أخفقت في أداء واجباتها؟ ولماذا لا تساءل ويجري البدء في إصلاحها؟ وإلى متى يظل اعتمادها على أجهزة أخرى؟

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.