الطبول التي قرعت لمواجهة أنفلونزا الطيور محلياً خفت حدتها، لم يعد هناك لا طبل ولا زمر، وكأن المعنيين بالمواجهة في قلق، كأني بهم يخافون من أن يحط طائر مهاجر على رؤوسهم، الأصوات لمواجهة الوباء تتراجع كلما اقترب من حدودنا، ها هو في العراق وقبله تركيا والآن مصر وقبلها نيجيريا، اللهم لطفك.
مواطن اشترى وجبة دجاج من مطعم مشهور ثم تعرض لمغص حاد، لم يكن خائفاً مثل خوفه من أن يصاب بأنفلونزا الطيور، أصبح “النيوكاسل” والتسمم الغذائي، وتجاوزات المطاعم من الأمراض التي يمكن التفاهم معها.
الصمت يثير الريبة والشك، ومواجهة الواقع هي الحل، وفي مثل هذه الحالات يتذكر الكاتب تصريحات، أحدها لمسؤول في وزارة الصحة يستبعد فيه تماماً انتقال المرض من خلال الطيور المهاجرة، حتى أن الصحيفة التي نشرت هذا التصريح وضعت في العنوان كلمة “استحالة”، يذكرني هذا بتصريحات منذ سنوات لأحد “خبراء” الزلازل الذي استبعد تماماً احتمال تعرض أراضي المملكة لهزات أرضية، هذا القطع في التوقع ليس له علاقة البتة بالعلم ولا الحكمة، كان تصريح الزلزال، في تلك الأيام، سبباً في مقالات كتبتها في حينه، وبعدها بسنوات تعرضت أجزاء من المملكة لهزات أرضية، القطع بالاستحالة لا يختلف عن التهوين في قضايا مهمة مثل هذه، ما الذي يجبر مسؤولاً على أن يقطع باستحالة انتقال المرض من خلال الطيور المهاجرة، لنتخيل أنه يمسك بزمام شبكة تحيط بأجواء المملكة، حتى ولو كان كذلك لا يمكنه القطع.
ينشغل الناس بالزبدة الدنماركية وأسهم ينساب وقلوبهم على الطيور المحلقة، وهذا هو الوقت الحقيقي للجهات المعنية لمواجهة هذا الوباء، هذا هو وقت التوعية ووقت الشفافية ومواجهة الحقيقة، وأنا لا أعلم حتى الآن هل سجلت إصابات في بلادنا، فقضية الصقور صاحَبها لبس والتباس حتى لم نعد نعلم الحقيقة، لكني لا أنسى أن فرقنا الطبية قدمت خدماتها للدول المجاورة، فأين خدماتها هنا في بلادها!؟
كأنها عقوبة! الذين استماتوا في ملاحقة الطيور المهاجرة يخافون منها الآن، طاردوها في الصحارى، لكنهم الآن في رعب من أن تحط على سطوح منازلهم، ولا يدري أحد فربما تكون أحفاداً لتلك الطيور التي زينوا بها “كبساتهم” في يوم ربيعي جميل… فسبحان ربي.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط