اللاجئون والخيام

قالوا لك اننا نعيش في طفرة اقتصادية فصدّقت، فقلت في نفسك أنا جزء منها، لم تعلم أي جزء أنت، لم تعلم انك عود من عرض حزمة حطب، الطفرة في الاقتصاد السعودي هي طفرة المصارف، ولأنها تعيش ربيع الربيع، ولأنها أكرم من حاتم الطائي، فقد ضربت الأطناب ونصبت الخيام لحضرتك، كأنها تقول: “إذا ما كشتّ… نكشت بك”، وهم قد “كشتوا” بنا على طريقتهم منذ زمن، وبحماية رسمية مستميتة لا تأتيها المحاسبة والمراقبة من أمامها ولا من خلفها، ولأننا لا نريد أن نفهم ونتفاءل ويحدونا الأمل، قاموا “بالكشت” بنا أمام بوابة المصرف الرخامية، ولأن المصارف لا تذبح بسكين لم نر سوى ضحايا تمشي على اثنتين، والغبار يعلو رؤوسها، سخرنا من خيام رمضان في بعض البلدان فأتتنا المصارف بخيام “ينساب”، فاضت بالأموال والبشر فكانت “الكشتة”.
هل رأيت في العالم شخصاً يتذلل بماله؟! قالوا في الأمثال “يا من شرى له من حلاله علة”، لكنك لم تعد تستطيع التنفس إلا من خلال هذه العلة، هي بالنسبة إليك علة أما للقلة فهي مصباح علاء الدين الذهبي، لهذا، من غير المستغرب تصويرها كعروس عندهم، والمدعو للزفة لابد من أن يزغرد ويبارك وربما يخطب الود “يمكن يكون عندها أخت!”، أصبحت المصارف عنواناً للطبقية، أناس لهم الكنب والرخام… وأناس لها الخيام والتراب، و “البيع ماركت” وإلا “ورينا عرض أكتافك”.
خيام الأسهم  تقنية قطرية، لا بد من إعادة الحق لأصحابه، والبادية في السعودية الآن تتداول عملة جديدة اسمها “ريان قطر”، استقبلت المصارف السعودية التقنية القطرية بالترحاب، فكانت الخيام، وتم “خم” الناس ليقال في الصباح الباكر إنهم لا يملكون وعياً استثمارياً، كيف يملكونه وأنتم قطعتم عنهم الماء والكهرباء… والهواء؟!
كيف يملكون وعياً استثمارياً وأنتم من كرس الازدحام وأعاد الناس إلى أيام المقاصف المدرسية، وجعل للاستثمار طابعاً لا يشبه سوى الفوضى، وقل لي بربك ما الفرق بين المصارف وملاعب كرة القدم؟
مضارب الأسهم تديرها المصارف بتفهم كامل ومظلة رسمية من “ساما”، ويسكنها لاجئون جاؤوا بمحض إرادتهم! ويحرسها نظام تقني متطور، أفضل من أنظمة  مصارف أوروبا يسمى “تداول”، في هذا النظام يتم تداولك أنت، إذا كنت من المتظللين بخيام الأسهم يتم شراؤك وبيعك والسعر يحدده “الهامور”، لكن من يدير “الهوامير” ويتسيدهم؟ أليسوا أولئك الذين يتحكمون في بيع الجملة والتجزئة ويحصلون على نسبة مرتفعة عند كل طلب يقدمه ساكن الخيام؟ سادة “الهوامير” و”بشواتهم” هم المصارف، فمن يجرؤ على الكلام عن حصانتها.
 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.