نحن بحاجة إلى مشروع لإحياء كرامة الإنسان في مجتمعنا، الإنسان هذا الذي يدب على اثنتين! ولا منة لأحد سوى الخالق العظيم… قال تعالى
{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً}.
لو قامت مظاهرات ضد بلادنا في الفيليبين، لما استغربت بل ربما خجلت، لأنني لن أجد عذراً لنا بسبب تصرفات البعض منا، وفي ما نشرته “الحياة” عن الزوجة الفيليبينية التي سجنت لأسابيع للاشتباه باختلائها مع رجل حاول جاهداً إثبات أنه زوجها، وظهرت صورته وهو يحمل طفلته الرضيعة، والفيليبينية الأخرى العاملة التي احتجزت في الباحة عند كفيلها لمدة ثمانية عشر عاماً! في حادثة تاريخية، وأشار لها بحس رفيع الزميل احمد الشعلان في زاويته يوم الأربعاء الماضي، نموذجان لا يدعوان للقلق فقط بل يحتمان التحرك بسرعة لمواجهة هذا الواقع المستتر، قد يقول قائل إنها حوادث فردية، ولكن ما أكثرها، ولا يظهر منها على السطح سوى القاتم اللون.
أسس العالم الغربي لحقوق الإنسان من خلال وثيقة “وضعية”! شهيرة، وفي معظم دساتير تلك الدول، غير الإسلامية، مواد تنص على عدم المساس بكرامة الإنسان، يحرسها نظام واضح وتطبق إلا في حالات استثنائية، ونحن نردد صباح مساء أن دستورنا القرآن الكريم، إلا أن المرء لا يجد انعكاساً لما جاء في تعاليم الدين الحنيف على واقع بعض من تعاملاتنا، ولا ينحصر الأمر في التعامل مع غير المواطنين بل بين المواطنين بعضهم البعض.
إذا أردنا أن نكون صادقين مع أنفسنا يجب أن نعترف بأن هذا هو واقع الحال، الاعتراف هو الخطوة الأولى لمواجهة هذا الوباء، ويكون ذلك بالعمل الدؤوب المبرمج لتغييره إلى الأفضل، لقد رضينا بالكثير من القشور وتركنا الكثير من المضامين واستمرأ كثير منا ذلك.
وبين الصورة القاتمة التي تقدمها، في أعلى درجاتها قصة “سجينة الباحة”، التي حرمت من أبسط الحقوق لقرابة عقدين من الزمان لأنها وحيدة وغريبة، هناك حالات عدة قد تبدو في غاية البساطة لنا مقارنة بسجينة الباحة، لكن أصل التعامل هو نفسه، الجذور هي الجذور نفسها، إن الشبهة لا تعطي الحق في غمط الحقوق أو المساس بها، لكنها في مجتمعنا تسمح بذلك بل وتجد لها تخريجات، ولنا في تعاملاتنا اليومية بين صاحب الحاجة ومن بيده قضاء حاجته، وهو مكلف بذلك… أبلغ دليل.
فهل نعي هذا الواقع ونؤسس لمواجهته قبل أن يستفحل في مجتمعنا؟
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط