دروس من كارثة الأسهم

أول درس يجب أن يستوعبه الذين سخروا من المطالبة بتدخل الحكومة في كارثة انهيار سوق الأسهم، أنه منذ أن أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – أطال الله عمره – بدرس تجزئة الأسهم وإمكان دخول غير السعوديين إلى سوق المال…  تغير الوضع جذرياً في السوق وفي نفسيات المتعاملين جميعاً.
“درس تجزئة” الأسهم لها هذا المفعول السحري؟
لنعود قليلاً إلى الوراء، ونتفحص تصريح وزير المال فنجد أنه لم يكن  هناك حل للمشكلة الكبرى التي أرقت البيوت السعودية، بل إنه – كما ذكرت سابقاً – زاد الطين بِلَّة.
وفي بيان مجلس الاقتصاد يلمح المتفحص أنه بيان تفكير… كأنه بيان التقاط أنفاس، تحدث البيان عن عموميات، لذلك لم يحظ برد فعل إيجابي لا في السوق ولا في نفسيات المتعاملين المتردية، والدليل أنه في الفترة الصباحية من اليوم التالي (الأربعاء) حققت السوق انخفاضاً بالنسبة القصوى لغالبية الشركات وفقدت ما يزيد على700 نقطة عند إغلاق الفترة الصباحية، ثم انعكست الصورة تماماً بعد أمر الملك – حفظه الله – بدرس التجزئة.
أمر بـ “درس التجزئة” قلب السوق وجعلها خضراء بعد أسابيع من الاحمرار، الذي طاول قلوب الناس… فأين الوزراء والمستشارون من هذا الحل؟ الشهادة لله تعالى أنني قرأت أكثر من مرة وقبل أكثر من عامين، بل وشاهدت في التلفزيون طرح فكرة التجزئة كأحد الحلول لمشكلات السوق السعودية ولتوسيع قاعدة السوق وتخفيف تذبذباتها الحادة وإتاحة الفرصة لصغار المواطنين، هذا الطرح كان للمصرفي السعودي الأستاذ مطشر المرشد، ولكن، لا أحد يسمع! بل إنني شاهدت مداخلات تلفزيونية لبعض الأكاديميين والمحليين، في فترات عدة، يقفون ضد هذا الطرح ويقللون من قيمته.
لا بد من أن بعضهم بعد الأمر الملكي سيعيد تقويم رأيه!
كان الحل موجوداً من دون تلك الكارثة ومن دون أسابيع تضرر فيها كثر،  ضرراً لم يعد بالإمكان إصلاحه، ما ذنب هؤلاء؟ ثم كيف تكون هناك لجنة استشارية في مجلس الاقتصاد الأعلى ولا تقدم اقتراحاً واحداً نجده في بيانه؟ هل هناك فائدة من مستشار لا يقدم رأياً في ظرف مثل ما مررنا به؟
إن “التجزئة” ليست سوى حل لجزء من المشكلة. لا بد من حلول لاحتكار المصارف ونظام التداول وعدم شفافية المؤسسات المالية الحكومية، وإلا سنجد عقبات مثل ما مر بنا أو أكبر، ولا أنسى قاعدة الـ30 في المئة في الطرح، ففي حين يرى الوزير تضخم أسعار الأسهم في الفترة السابقة لا يرى تضخم ملكية أصحاب الشركات التي لا يُطرح منها سوى 30 في المئة لجمهور المواطنين! هذا التضخم الذي يسد الأفق لا يراه الوزراء! فالله وحده المستعان، وله الشكر أولاً وآخِراً جل وعلا، ثم لوالدنا أبي متعب حفظه الله وأبقاه لهذا الوطن الغالي.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.