“لا يمكن حل المعضلة باللجوء لمن هو سبب أو أسهم في حدوثها”!
هي واحدة من دروس كارثة الأسهم، منذ عشرين سنة يوصف اقتصادنا بأنه أقوى وأكبر اقتصاد في المنطقة، وعلى رغم هذا شاهدنا اقتصادات دول أصغر وبإمكانات أقل يتسارع نموها في فترة زمنية وجيزة، حتى أصبحت مضرباً للأمثال في بلادنا وفي غيرها، وبقي اقتصادنا بالاختناقات نفسها بل انها في تزايد، بقينا في وضع أسبقية الحاجات بمسافة عن الإمكانات المتاحة، النقص في المتوافر هو الوضع الدائم حتى هذه اللحظة، هذا الدوران في حلقة مفرغة هو نتيجة لاستمرار اللجوء للمجموعات المسيطرة نفسها إما في مجال الأعمال أو في مجال الاستشارة، وهما إلى حد ما وجهان لعملة واحدة، وإلا لماذا لم نستطع فك حلقة واحدة من حلقات الاختناقات، سواء في إصلاح البيروقراطية المعوقة للاستثمار المحلي المفيد والمجدي اقتصادياً، أم في الخدمات الصحية والتعليمية والخ من القائمة الطويلة المعروفة.
إن كارثة سوق الأسهم وحال الاحتقان التي أصابت الناس، والأضرار التي لن نحصل على أرقام تقديرية لها لتدني مستوى الشفافية، واكبتها حال صمت مطبق مارسته المؤسسات المالية الحكومية طوال أسابيع “كئيبة” وهي ترى ما نرى، يدعو هذا الوضع إلى بحث الأمر بدقة ومعرفة أين الخلل؟ والمسارعة في إصلاحه، ونحن نعلم أنه في حال الرخاء والصعود يختلف الأمر ويكثر الحضور الإعلامي.
ومن الشواهد يتذكر الجمهور تصريحاً لمحافظ مؤسسة النقد العربي السعودي قبل قرابة خمسة أشهر، يؤكد فيه استعداد “ساما” لمعالجة أي آثار سلبية لهبوط حاد في أسعار الأسهم، ونعلم أن الجمهور وصل إلى حد صعب من الانتظار لظهور مسؤول يشرح الوضع، ولم يظهر أحد ولم يتدخل أحد من المعنيين بشكل مباشر، إلى أن جاء الفرج على يد خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، فأين “ساما” التي وعدت المستثمرين؟ وأين هي استعداداتها؟
عودة المؤشر إلى اللون الأخضر يجب ألا تجعلنا نغفل البحث عمّا حصل، وكيف حصل؟ ولماذا حصل؟ وأين هي الجهات المكلفة أصلاً بالتصدي لتوقع مثل هذا في وقت باكر؟
ومثلما أشرت في مقال سابق بعنوان “إبراء ذمة”، أكرر أن تسيُّد اتجاه واحد في إدارة الاقتصاد فيه ضرر كبير، ونرى من تلك التجربة المريرة أنه لم تكن هناك خطط لمواجهة ما حدث؟
لكن كيف نواجه مثل هذا الوضع ونقلل من إمكان تكراره، خصوصاً أن لدينا متلاعبين في سوق المال لا يفكرون إلا في مصالحهم الضيقة، مثلما لدينا في مجالات استثمار أخرى مستثمرون يفكرون بالطريقة نفسها.
الحل الأمثل هو إنشاء فريق خبراء من الكفاءات الوطنية المستقلة والبعيدة عن الارتباط بمصالح مع الكيانات الاقتصادية الخاصة، سواء كانت بنوكاً أم غرفاً تجارية أم غيرها، ويرتبط هذا الفريق بصاحب القرار، ليكون عاملاً استشارياً إضافياً مستقلاً وعيناً رقابية أخرى، تقدم صورة أوضح لصاحب القرار، وتستشعر الأخطار قبل حدوثها.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط