اضحك مع المؤشر

وهو ضحك كالبكاء، مؤشر سوق المال السعودية صار يستخدم بقوة أكبر من ذي قبل لضرب قلوب الصغار، والسبب “غير معروف”، وهو صراع لم تظهر تفاصيله كاملة حتى الآن، والضحية هم عامة المواطنين وقريباً بعض المقيمين، ومن الواضح أن هناك تجميلاً وماكياجاً لما يحدث من نزيف في سوق المال منذ قرابة شهر، والمؤشر إحدى أدوات التجميل المزيف، فيتم رفعه بشركتين أو ثلاث في آخر دقائق من التداول حتى يقال لمن يهمه الأمر إن السوق مرتفعة كذا نقطة، وإلا فما معنى هذه الحركات “البهلوانية” واستمرار الصمت في القول والفعل الإيجابيين من الجهات المالية الحكومية.
وحتى الآن نفقد أكبر محفز للسوق، وهو التجزئة، “بسوء الدبرة”، التي جاء الإعلان عنها من الجهة التنفيذية مبهماً وغامضاً كالعادة، لا تنسَ عزيزي الضاحك على الجرح، أنها الجهة نفسها التي تطالب الآخرين بالشفافية، وصحّ لسان الشاعر عندما قال: “لا تنهَ عن خلق وتأتيَ مثله”، وهذه الشفافية لا بد أن نضحك عليها وعلى المطالبة بها حتى “تتقطع مصاريننا” مثلما تقطعت السبل بمصائر بعض منا وسط صمت عجيب في فيلم النزيف الأحمر، وذلك عملاً بقول المواطن المغلوب على أمره: “اضحك عليها تنجلي”.
ويظهر من هذا السيناريو الذي لم يحدث، لا في بلاد السند ولا حتى في غواتيمالا، أن هناك قوة تريد الاستئثار بإيجابيات المكرمة الملكية (التجزئة)، لذلك نطالب بصوت مرتفع ولاة الأمر بتوجيه مؤسسة النقد إلى وقف السماح للبنوك بتسييل الصناديق ومحافظ التسهيلات، “لإيقاف قحش أسهم الخلق” من قبل البنوك، فتصبح هي المستفيد الأول والأخير من خطوة التجزئة، في حين سيعمّ الضرر الجميع، وسيصل الأمر إلى ضرر أكبر وأعمّ. والأمل أولاً وأخيراً بالله تعالى.
وكنت أتوقع شيئاً إيجابياً من مجلس الشورى العزيز، على رغم تأخره والبطء المعروف عنه في التحرك، مع الاحترام لبعض الأصوات الغيورة تحت قبته… كنت أتوقع أثراً لتدخل إيجابي وأنا أنظر إلى مجلس الأمة الكويتي وكيف أثر تدخله في أزمة سوق المال في الكويت الشقيق، خصوصاً أن اسم مجلسنا العزيز مستمد من كلام الحكيم القوي “وأمرهم شورى بينهم”، فقد حاول بعض أعضائه معرفة “حقيقة الأمر” وإلى أين تتجه البلاد والعباد وسط هذه الكارثة إلا أن طلبه قوبل بالاعتذار، فلم يحضر مَن كان يجب أن يحضر، ولا يستغرب هذا في زمن الشفافية النقية! واكتفى المجلس العزيز بدعوة بعض “المتضاربين” والمستثمرين والمحللين، منهم مَن يصدق في القول ومنهم من يصرّ على تجميل ما لا يتجمل، فطلبوا للاستماع، ومعظمهم كانوا يظهرون على شاشات الفضائيات وفي الصحف، فماذا سيضاف إلى آذان المجلس العزيز؟ وسيبقى أعضاء المجلس في مداولاتهم، ولا بد أن جدول الأعمال متخم بتقارير الوزارات السنوية! أما النزيف فهو في استمرار، والقادم لا يعلمه سوى المولى الوارث. اللهم الطف بنا. اللهم آمين.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.