“مواطندول”

سعة الصدر مطلوبة إلا في قضايا السلامة العامة، وللمرء الحق في أن يبكي أو يضحك… كمداً! حينما يرى اهتماماً إعلامياً كبيراً، يتفجر فجأة، بقضية ما يتبعه اهتمام رسمي، عبارة عن صدى، تثبت الأيام أنه ليس سوى مسكن موقت من فئة “مواطندول”.
وكأن أصحاب المعالي الوزراء ومن في حكمهم، وفقهم الله جميعاً لما فيه الصالح العام، ينتظرون تدخلاً من رئيس مجلس الوزراء – حفظه الله ورعاه – حتى يشمروا عن سواعدهم في تغيير منهجي لأسلوب العمل الحكومي “الجماعي”، وتعاطيه مع التطورات الإيجابية من حولنا والسلبية في دارنا، ولنا في قضية “عبارة الأسهم السعودية” خير مثال طازج صالح للاستهلاك مراراً وتكراراً، ولنا أيضاً، في هذه القضية نموذج لما نحققه من خسائر مباشرة وغير مباشرة ناتجة من التلكؤ والتأخر.
وأتذكر هنا أن مجلس الشورى الموقر طالب بتقرير عن قضية عبارة السلام التي غرقت وعلى متنها المئات من البشر من بينهم نحو مئة مواطن، وهي سفينة خرجت من ميناء سعودي. أتذكر أن “الشورى” طلب تقريراً وطالبته بتحقيق يشارك فيه بعض أعضائه. حسناً ماذا تم في هذا التقرير؟ وما الذي انكشف من سلبيات وتقصير وماذا تم لمواجهتها؟ هل من الواجب أن “يزن” الإعلام و”يطنطن” كل يوم لنعلم ماذا تم في زمن الكل فيه يتحدث عن الشفافية؟ كيف يطمئن كل مسافر من أحد المنافذ السعودية، ولم يعلن شيء يذكر سوى نوايا ولجان لا يعرف من نتائج أعمالها حرف؟
هذا غيض من فيض، ومن المضحك أن نقرأ عن إغلاق عشرات من مزارع الدواجن هنا وهناك من مناطق بلادنا، والحجة المعلنة أن هذه المزارع تعمل من دون ترخيص، العدد بالعشرات، في منطقة واحدة أعلن عن 60 مزرعة غير مرخصة، الله أكبر، ألم يكتشف أنها غير مرخصة إلا بعد أن أحاط بنا فيروس أنفلونزا الطيور؟ أين تلك الجهات الحكومية التي طالما تفاخرت بأجهزتها الرقابية عن تلك المزارع من قبل؟! هل نبتت فجأة؟ هل تحول الدجاج إلى نبات يعيش على مياه الصرف؟!
هذا غيض من فيض، ومن المضحك أن نقرأ عن سحب أنواع من مشروبات غازية أو مشروبات القوة، كما يسمونها، لأنها مضرة بالصحة. جاء هذا الإعلان بعد سحب لمشروبات، لست أعلم هل هي نفسها، في بلد متقدم وما زالت بعض منها تعلن حتى يوم أمس “عن قوتها” في الصحف المحلية؟!
وفي الوقت الذي نطالب فيه أصحاب المعالي الوزراء بالعمل على سدّ الفجوات الناتجة من تداخل الصلاحيات وتشتتها بين الأجهزة التي يديرونها، ما جعلها أشبه بجزر معزولة مليئة بالثغرات، نطلب منهم وهم المشغولون بأعباء وارتباطات كبيرة ومتعددة إيجاد حلول للمركزية والبيروقراطية. السبب أن مسكن “مواطندول” لم يعد له تأثير، لقد تعودنا عليه، فهل نطمع في مسكنات أقوى؟!

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.