“طبيب بالمشعاب”

“أنتم لا تعرفون هذا المستشفى إلا عند الولادة، أما خلال فترة الحمل فتقومون بالكشف في المستشفيات والمراكز الأخرى، وأنا أريد أن أكشف عليها”، فقلت: “إن الطبيبة كشفت عليها وقامت بكتابة تقرير عن حالها”، فقال: “أكشف بنفسي شئت أم أبيت!”.
هذا جزء من حوار تم بين مواطن وطبيب في مستشفى عقلة الصقور، القصة التي نشرتها جريدة “الرياض” أوضحت أن الطبيب حاول الكشف على المريضة المنومة من دون إذنها، فاتصلت بزوجها، فهرع مسرعاً وأخبر الطبيب بأنه يرفض الكشف على زوجته من قبله، فكان أن اعتدى عليه الطبيب بالضرب والسباب. المواطن المطلوب الكشف على حرمه غصباً عنه وعنها، بادر بتقديم شكوى، ربما… أقول ربما “ســ… تعتبر” من الأخطاء الطبية غير المتعمدة أو الأخطاء الطبية الصديقة! وسيجرفها النسيان مع العبارة السلام وسفينة الأسهم السعودية المثقوبة.
لم يقم هذا الطبيب بشيء جديد، فهو عمل ما تعمله جهات أخرى، الفرق الوحيد في هذه القضية أن فيها “محارم”. الطبيب يقول في الواقع: “اكشف على زوجتك أحسن لك”! فهو يتعامل مع المواطن معاملة الراشد للقاصر، وهو لا يختلف كثيراً عن جهات رسمية كثيرة، خذ مثلاً هيئة سوق المال التي تطرح اكتتابات للمواطن وتقول: “اكتتب أحسن لك”، وهي قضية لا تختلف كثيراً عن قضايا المواطن مع البنوك في أخطاء المحافظ الاستثمارية والحسابات، فهي تقول: “انقلع أحسن لك”! وهي لا تختلف كثيراً عما يجبر عليه المواطن عند تسديد الفواتير المشكوك في صحتها، فهم يقولون: “ادفع أحسن لك”، وهي لا تختلف كثيراً عن التزام المواطن ببلع المخالفة المرورية حتى ولو لم يقتنع بها تحت شعار: “خذ أحسن لك”، خذ مخالفة طبعاً وليس هدية.
مما سبق نستفيد أن الطبيب المسكين “يا حبة عيني”، الذي لم نسمع وجهة نظره حتى الآن، وهذا من أبسط حقوقه، فربما يكون له رأي مهني في الطبيبة المعالجة أو رؤية صحية في عقليات المواطنين، ربما هو متأكد أنهم في حال نفسية صعبة، عملاً بالكشف الاستثماري على أربعة ملايين مواطن الذي قامت به هيئة سوق المال أخيراً.
 لم يقم طبيب عقلة الصقور بعمل مستغرب أو مستهجن، اللهم إلا في قضية الكشف على امرأة من دون قبول محرمها وقبولها، وهو أمر مرفوض جملة وتفصيلاً، لكني أركز على قضية الإجبار، “سأكشف بنفسي شئت أم أبيت”، والإجبار من المتجبرين هو ما يعيشه المواطن مع كثير من الجهات، من هيئة سوق المال إلى أصغر مراقب في البلدية، فلا تلوموا هذا الطبيب المقيم، فهو شاهد أن هذا هو الوضع في المجتمع!

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.