الضعف الإعلامي

الحادية عشرة من مساء الأربعاء الماضي كانت ساعة الذروة في مشاهدة القناة السعودية الأولى، الملايين من المواطنين يريدون جواباً على لغز سوق الأسهم السعودية المنهارة، لقد انتظروا أسابيع تحولت إلى شهور بحثاً عن  إجابة شافية شفافة، وساعة الذروة في غاية الأهمية، فهي إما أن تطيح بالإعلامي الذي يظهر فيها وإما أن ترفعه.
الموضوع هو لقاء تلفزيوني مع رئيس هيئة سوق المال، والبرنامج هو ملفات اقتصادية “المباشر سابقاً”، ولأن ضيف الحوار هو شخصية مهمة، فإن استخراج ما لديه يعتمد على قدرات من يحاوره مهنياً، كما يجب أن يكون، فإن المحاور يمثل الشريحة الكبرى ممن فاضت  صدورهم بالأسئلة منتظرين.
اتصف اللقاء بحذر بالغ، وحرص على عدم الاقتراب من الخطوط الحمراء أو ما يسمى “الشفافية”، وتم الهروب من أي سؤال حقيقي، مباشر، لأن الحلقة مسجلة، كما يبدو! وفوق هذا ابتعد من أي سؤال يتابع إجابة للضيف، فكان لقاءً بارداً بامتياز.
وزاد الطين بلة أن الأخبار قالت إنه حوار “مباشر”، وفوجئنا بتسريبات قبل الحوار بساعات!؟ بل قبل إقفال السوق بوقت كاف!
الحوار على التلفزيون السعودي “مسجل” في حين يخرج قبله بدقائق متصلاً المستشار القانوني للهيئة على قناة فضائية خارجية على الهواء مباشرة… هنا نبارك للفضائيات الخارجية!
الأسئلة التي أغفل طرحها لسبب لا نعلمه، كثيرة جداً، لعل أضخمها هو: أين الهيئة عندما كانت السوق ترتفع؟ ولماذا لم تفعل ما فعلته بسهم “الكهرباء” في تلك الفترة؟ وغيرهما من الأسئلة المتطايرة مثل البعوض في محافظة جدة والغبار في الرياض.
 لماذا لا تراقب الهيئة “الهوامير” الحقيقيين وهم البنوك الوسيطة والمضاربة في آن معاً، بدلاً من ملاحقة الآلاف من المستثمرين المشتبه بهم؟!
رأيي الخاص أن اللقاء الذي تم بتلك الكيفية أضرّ بـ “الهيئة” وبرئيسها الأستاذ جماز السحيمي، وبمجلس إدارتها ضرراً بالغاً، ولم يستفد منه المنتظرون أمام الشاشات، فنام بعضهم وتحول آخرون إلى قنوات أخرى وزادت دهشة الجميع.
ولأن الشيء بالشيء يذكر أتحفنا صندوق النقد الدولي بتقرير تعرّض فيه لاقتصادات المنطقة وقدم نصائح للبنوك، وهذا يستدعي إلى الذاكرة تاريخ هذا الصندوق والبنك الدوليين وأبناءهما من المتتلمذين على أيديهما ومستشاريهما هنا وهناك، وإذا ما سألنا من يقف على رأس البنك الدولي حالياً وعرفنا تاريخه ومواقفه خصوصاً من بلادنا، وتذكرنا أنه “بول وولفوتز” أحد كبار المحافظين الجدد المحرض الأكبر على المنطقة، يمكن لنا توقع خطورة هذه النصائح والمستشارين ومَن ينصت إلى آرائهم.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.