التشهير والشخير

بسبب كثرته أصبحت متخصصاً فيه، ألا وهو المضحك المبكي.
لدى الجهات الحكومية الموقرة حساسية من التشهير بالمتلاعبين والغشاشين والمدلسين، على رغم الحديث النبوي العظيم: “من غشنا فليس منا”، هنا اضطر الفرد المتضرر سواء كان مواطناً أم ضيفاً مقيماً في بلادنا إلى التشهير بنفسه، من أجل بحثه عن حقه المسلوب، أصبح الناس يظهرون بأسمائهم وصورهم لإيصال شكواهم، لما أصابهم من غش وانتهازية فاضحة، أو تظلمات من أحوال تقهر الإنسان، المُحَصَّن الوحيد هو تلك الجهات، غالباً ما تكون جهات خاصة شركات، وكالات، وهكذا… والقصة قديمة قدم المشكلة!
لهذا لا تتعجب عزيزي القارئ من ظهور بعض الشباب في الصحف وهو يشكون من الظلم والاستغلال، انظر إلى تحقيق جريدة “الحياة” يوم الثلثاء الماضي، إذ تم استغلال أسماء شباب من إحدى الشركات للتدليس على الجهات الحكومية، استغلت الأسماء للإيهام بأنها توظفهم، ركض الشباب إلى “الحياة”، لأن الصحافة هي المجال والمتنفس الوحيد. قبلها بأيام حصل شاب على وظيفة جديدة ليكتشف من الشركة التي وظفته أن اسمه موجود في التأمينات الاجتماعية على رأس وظيفة في شركة سبق استغنت عنه، وجلس يطالب، بل ركض يطالب فلا هو حصل على الوظيفة الجديدة بعد بطالة ولا هو حصل على حقوقه من الشركة السابقة.
بتقديرك عزيزي القارئ، لماذا تَوَجَّه الشباب إلى الصحف؟ الجواب المتاح الوحيد من دون استعانة بصديق ولا واسطة أن وزارة العمل ومكاتبها، “ما عطتهم وجه”، إذا لم يعطِك احد وجهَه فإنه يعطيك ظهره، لا لتستند إليه، بل لتغرب عن ذلك الوجه، الحقيقة تقول إن مكاتب العمل لم تفعل شيئاً وأن فصل العمل في وزارة وحده لم يجعلنا نتقدم خطوة واحدة إلى الأمام، أتذكر قبل سنوات وكنت وقتها متفرغاً للعمل الصحافي، كانت وزارة “العمل والشؤون الاجتماعية” قبل فصلهما، تعمل على إنشاء قاعدة بيانات، هل يعقل أنه حتى الآن لم يتم إنجاز هذه القاعدة! ألا يعني ذلك أن البعض “قاعدون”، ثم ما فائدة بيانات التأمينات الاجتماعية إذا لم يُستفَدْ منها في مواجهة هذا الغش ومحاربة خطط الدولة؟ هل هي جباية فقط؟ وتنقل “الحياة” عن الدكتور غازي القصيبي “استياءه الشديد من السعودة الوهمية”، أما الإجراء المتخذ فهو “منع الاستقدام”، حسناً، ماذا استفاد الشباب المتضررون من هذا المنع؟ ولماذا لا يُشَهَّر بهذه الشركات وأصحابها وهم يحاربون خطط الدولة بتكريس البطالة وتقديم بيانات وهمية، ربما بعض أصحابها يظهرون في الإعلام وهم يحثون الآخرين على السعودة! منع الاستقدام لا يكفي يا وزارة العمل. شهِّروا بهم وانفضوا الغبار عن بيانات التأمينات الاجتماعية وأعيدوا الحق إلى أصحابه.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.