جبل الغبار

أختلفُ مع الدكتور عبدالرحمن الزامل في نواح عدة، ليس هنا مجالها، وأكتبُ هنا لأقدم له الشكر، السبب أنه بمقال واحد في “الاقتصادية” أجبر مؤسسة النقد على الخروج من صمتها الطويل منذ ما قبل انهيار سوق الأسهم، الرد جاء سريعاً ومدعماً بأرقام مصدرها “ساما”، وهي جهة حكومية ولا بد من أن نقبل ما تعلنه حتى ولو لم نقتنع، سأحاول الاختصار.
تم تداول أرقام منذ أسابيع طويلة عن عدد المحافظ “المسيَّلة”، قيل مليون وقيل مئة ألف، ثم قالت مؤسسة النقد بعد صمت طويل إن الرقم مبالغ فيه، لنأخذ أجزاء من مقال الزامل: “هل تعلم المؤسسة أن عدد المحافظ للصغار المصفَّاة… تعدت المليون، كما ذكر لي أحد المختصين؟ إذ إن أحد البنوك – الذي يفضل التعامل معه المواطنون الصغار – لديه قروض تقدر بـ 25 بليون ريال في سوق الأسهم، مصيرها كلها إلى التصفية. 
أغرت البنوك الكثير من “الصغار” بتقديم قروض لهم بضمان رواتبهم لمدة 10 سنوات (قبل إصدار التعليمات الأخيرة التي حددتها بثلاث سنوات). لقد ذكر لي سكرتير يعمل في إحدى الجهات الحكومية أنه اقترض من أحد البنوك 250 ألف ريال، سلم له نقداً فقط 180 ألف ريال، والمتبقي فائدة مدفوعة مقدماً، وبضمان راتبه لمدة 10 سنوات، وبمبلغ ألفي ريال، أي إن مصائب السوق ستستمر مع هؤلاء المساكين لمدة 10 سنوات” انتهى.
سرعة رد “ساما” وحصرها الرد في عدد المحافظ، يثير أسئلة أكثر مما يقدم أجوبة، أعلم مثلما تعلمون أن “ساما” هي المحامي الأول عن البنوك وحديثها عن حرصها على “الصغار” لا يقنع أحداً… لماذا؟
* أين “ساما” عندما كانت البنوك تقرض بجنون لأجل المضاربة في الأسهم، ما جعل غالبية المواطنين مدينين لها؟
* أين “ساما” عند كل خلل يصيب نظام تداول فتضيع فرص “الصغار” لمصلحة “الكبار”، وفي مقدمها البنوك؟
* كيف تسمح “ساما” للبنوك بتحقيق أعلى الأرباح من سوق الأسهم في حين أنها تقدم معلومات للمستثمرين في صناديقها بأنهم خسروا؟
* هل “ساما” جهاز للوقاية واستشعار المخاطر للمجتمع والدولة… قبل وقوعها أم جهاز لحماية مصالح البنوك وعلى حساب الاقتصاد والمواطن؟
* كيف تستمر “ساما” بالسماح للبنوك باستخدام صناديق تسميها استثمارية بالمضاربة في السوق، وهيئة سوق المال ترفض المضاربة “غير الأخلاقية”؟ وهو ما يقودنا إلى سؤال: هل هناك خلاف بين المؤسسة والهيئة والضحية “الصغار”؟
* كيف استطاعت البنوك تحقيق أرباح في ربع واحد للعام الحالي، توازي أرباحها للعام 2003 كاملة، ومن “جيب” مَنْ تحققت هذه الأرباح؟ أليس على حساب “الصغار”؟
* لماذا قارنت “ساما” مبالغ المحافظ المسيَّلة بمبلغ إجمالي قيمة التداول خلال شهرين؟ وهي فترة الانهيار المتضخمة القيمة، نتيجة المضاربة الساخنة فهل هو الحرص على إظهار رقم صغير فقط لا غير؟
الأسئلة كثيرة، ومقال الدكتور أخبرني بأهمية أن تكون رجل أعمال وعضواً في مجلس الشورى فشكراً له.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.