“جريش صيني”

حسن المعاملة مع وجبة “جريش” دفعت عمالاً صينيين يعملون في السعودية إلى الدخول في الإسلام، هذا هو الخبر الذي طالعتنا به “الحياة” قبل أيام.
“الجريش” وجبة غنية تقليدية من العيار الثقيل، وهو يصنع من قمح مجروش يسمى شعبياً “اللقيمي”، وهي مناسبة لطرح سؤال على المؤسسة العامة لصوامع الغلال، عن مدى “صحة” منتجاتها وماذا ينقصها لتكون قيمتها الغذائية غنية؟ وجبة الجريش استغنت عنها ربات البيوت المستجدات، فهطلت علينا المعجنات ووجبات “النُص كُم” مع المشروبات الغازية، التي لا يعلم إلا الله ماذا تحتوي، موضوع المقال ليس عن “الجريش” فهو ثقيل على المعدة في أيام الصيف، حتى ولو جاء في مقال، الموضوع عن حسن المعاملة، ولا أشك لحظة في أن أي مسلم سيبتهج ويغمره الفرح والحبور بدخول مسلمين جدد إلى هذا الدين العظيم، فانظر ثبتني الله وإياك على قوله الثابت، ماذا فعل حسن التعامل بهؤلاء القادمين من أرض الصين.
هذه ليست دعوة إلى فرش الموائد في الشوارع ودعوة غير المسلمين لوجبات الغداء والعشاء لعلهم ينطقون بالشهادتين، فلست أعتقد أن الجريش هو السبب بل السبب هو أسلوب صاحب الجريش.
التعامل الإنساني الراقي مع الناس مهما كانت عقائدهم ومشاربهم  من أسس تعاليم الدين الحنيف، لكن اسمحوا لي أن أدخل بالعرض، وأقول كيف سيكون تعاملنا مع هؤلاء بعد إسلامهم؟ هل سيظل حسن التعامل هو القائم؟ أم أنهم سيجدون تعاملاً آخر، من أين أستحضر مثل هذه الصورة؟ أستحضرها وأستشهد بها من تعاملاتنا مع بعضنا بعضاً قبل كل شيء، أفراداً وجهات حكومية وخاصة، فإذا كانت، على سبيل المثال، عبارة “إن شاء الله” أصبحت وسيلة للإرجاء والمماطلة، وإذا كان كثيرون منا يمارسون قطع الطريق يومياً على آخرين، وأكثر منهم من لا يتوانى عن أخذ حقوق الآخرين، بل يعمل على ذلك جاهداً مستخدماً ذكاء خبيثاً، ألا تتوقعون معي ما توقعت، هل سيتغير التعامل؟ هذا هو الظاهر لي الآن، قد يكون أهل الصين قلة الآن في مجتمعنا، وهذا ربما يعطيهم ميزة نسبية، ومسلمين أيضاً! فعندما يراهم أحدنا يبش ويبتسم في وجوههم، لكن معظم من حولك من المسلمين ومعظمهم تجمعك بهم وشائج أخرى إضافة إلى الدين، ومع ذلك تعاملنا مع بعضنا بعضاً تعامل “نُص كُم”، فما هو في رأيكم رد الفعل المتوقع من هؤلاء الصينيين وأمثالهم إذا تغيرت صورة التعامل معهم، ربما لا يتذكرون سوى طعم الجريش!

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.