أبدى الرئيس جورج بوش قلقه بعد إعلان السلطات الأميركية عن انتحار ثلاثة من المعتقلين العرب “سعوديان ويمني واحد” في سجن غوانتنامو سيئ الصيت. لم تحدد الأخبار نوع القلق هل هو قلق ايجابي أم سلبي؟ فتاريخ وزارة الدفاع الأميركية، خصوصاً في عهد رامسفيلد لا يعطي صدقية لبياناتها الرسمية، وأثبتت الأحداث المتوالية في العراق وغيره أن هذه الصدقية تساوي صفراً، وقامت الصحافة الغربية بكشف عدد من المجازر كانت السلطات الأميركية قد هونت منها في وقتها، ولا بد من الإشادة بالصحافة الحرة النزيهة في الغرب، سواء في الولايات المتحدة أم في بريطانيا، فكثير من القضايا لم تكشف إلا من هناك! ويستغرب أحد السياسيين العراقيين في لقاء فضائي من أنه تم كشف تفاصيل قضية مجزرة حديثة للإعلام العربي، ولكنها لم تجد حقها من الاهتمام، وعندما نشر عنها هناك صار الاهتمام أكبر عالمياً ولحقت وسائل الإعلام العربية بالركب متأخرة، هذا يطرح سؤالاً يقول هل تعبر وسائل الإعلام العربية خصوصاً الفضائيات عن الواقع وتتعامل معه بمهنية صحافية إنسانية، ولا أقول قومية أو إسلامية؟ خذ ما يحدث في العراق منذ سنوات، وعلى كثرة المهرجانات والمسابقات الإعلامية العربية، لم تطرح جائزة واحدة أو محفز بسيط لأفلام وثائقية عما يحدث في العراق، وجهة النظر العربية غائبة عن الإعلام مثلما هي غائبة عن السياسة، وفي هذا البلد الجريح عشرات المبدعين المجروحين، والعمل الوثائقي الإعلامي عن العراق يأتي من صحافيين غربيين متطوعين؟ ألا تكفي صناديق الموز التي حولت إلى توابيت للرؤوس المقطوعة لتقدم جانب الإثارة الدموية ورغبة الكشف؟ إن ما يحدث في العراق تجاوز ما حدث في فيتنام وكمبوديا، واستبدلت أهرامات الجماجم بكراتين الرؤوس المقطعة. مشكلة أن يقلق رئيس أكثر الدول سطوة في العالم فهذا نذير شؤم والعياذ بالله تعالى من كل ظالم، ربما يكون قلقه جاء من علمه بأن الدين الإسلامي الذي يدين به أولئك المعتقلون يحرم الانتحار، ويتوعد المنتحر بالعذاب الأليم، ولا بد من معرفة أن المتهمين بالتشدد والإرهاب يفقهون هذا الجانب جيداً، ربما تطالعنا صحافة الغرب بعد شهور بمعلومات جديدة تنسف مسألة الانتحار، عندما يتحرك ضمير أحد السجان أو يتباهى في لحظة نشوة. على الجهات العربية المعنية واجب البحث والتقصي والمطالبة بالتحقيق والمشاركة فيه، إن من أسوأ ما يشعر به المواطن العربي أن دمه وحريته في غاية الرخص، وعلى جمعيات حقوق الإنسان الأهلية والحكومية واجب كبير، ولنتذكر أن للمواطنة وجهين، واجبات وحقوق، وهذه الحقوق لا يمكن الانتقاص منها كون المتوفين متهمين من رامسفيلد.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط