“الإدارة البراطمية” 1من 2

يلجأ بعض المديرين ومن في حكمهم إلى التوجيه الإداري الشفهي، وللوهلة الأولى يبدو هذا أمراًَ طبيعياً، وهو طبيعي للمدير أو المسؤول الذي يتحمل بشجاعة نتائج قراراته، لكن كثيراً من ذلك البعض يستخدم هذا الأسلوب هرباً من المسؤولية، لهذا تجده يوظف نائباً أو مساعداً مطيعاً يتحمل عبء مسؤولية التوقيع وتبعاته، فإذا كانت النتائج إيجابية نسبها المدير إلى نفسه، أما إذا كانت سلبية قام بإلقاء اللوم على هذا المساعد الذي لا يفهم! وقد يتهمه بتجاوز صلاحياته، وربما يكون هناك تفاهم معلن أو مبطن على هذه الصيغة بين المدير ونائبه، وقد يكون هذا المساعد أو السكرتير مغلوباً على أمره متعللاً بمحاولة الحفاظ على مصدر عيشه، وحذراً من سطوة المدير الذي قد “يتقعد” أي يترصد له. وخلال تجربتي الإدارية البسيطة، التقيت ببعض هذه الشرائح من النوعين، المستخدم والذي يتولى تحريك الخيوط، وكالأسفنج يتم استخدام الطرف الضعيف  لامتصاص أية ردود فعل غير متوقعة، وقد يتطور استخدامه ليصبح مثل “الحشوة الجلدية” التي يتدرب عليها الملاكم، إما لمواجهة الخصم أو لتفريغ شحنات هزيمته، ومتى شاء! هذا الأسلوب يتيح للمدير قدرة أكبر على المناورة… وبياض الوجه المزيف أمام الآخرين، وأتذكر أن أحد المغلوبين على أمرهم برضاهم وعندما يحصل خطأ ما، يستدعيه مديره ويقفل عليهما الباب ثم يفاوضه مفاوضة إسرائيل لحماس، و “على بلاطة” يخبره عن عزمه على إعلان أنه هو المسؤول عن هذا الخطأ، بما يتبع ذلك من التقريع واللوم العلني أمام زملائهما والمتضررين من القرار، في مقابل حصوله على إجازة أو انتداب، أو أن يكفّ المدير شره عنه!
استخدام المتاريس الإدارية شائع لدينا في مختلف المنشآت، أقول هذا من واقع تجربة، والصيغة المباشرة التي ذكرت مثالاً عليها ليست الوحيدة، فهناك أساليب أكثر خبثاً، مثل أن يتصل المدير أو من في حكمه على مرؤوس له ويطلب منه إصدار خطاب ما أو اتخاذ إجراء معين،  ويتحجج المدير بأنه مسافر أو في اجتماع سيطول، وحاجة العمل تستدعي سرعة اتخاذ الإجراء، ويسقط في هذا الفخ إما الطامحون إلى الصعود السريع إلى أعلى أو قليلو الخبرة ممن لا يزالون يستمتعون بتدبيج التواقيع، وقليل من هؤلاء المديرين من يتحمل المسؤولية أو يشارك في تحملها، هذا النوع من المديرين والرؤساء تجده عند حدوث مشكلة، كثيراً ما يشتكي من العاملين معه، إنهم لا يفهمون وكفاءتهم منخفضة، وقد تعب كثيراً في تعليمهم ولكن… طبعاً هذا يقال أمام الآخرين ويخرج المدير منها مثل الشعرة من العجين! وفي دواخل نفسه ابتهاج كبير بقدراته الفذة! حسناً ما هي المناسبة التي دفعتني للكتابة عن الإدارة “البراطمية”؟ السبب خبر نشرته هذه الصحيفة سأعلق عليه غداً بعون الله تعالى.
 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.