“نعمة التشفير”

أحمد الله تعالى أنني على خصام، من طرف واحد، مع مشاركات منتخبنا الوطني الدولية منذ ثُمَانِيَّة ألمانيا الشهيرة. لم أعد أتفاعل وأهتم كثيراً، إلا عندما ألمس أثر النتائج السلبية في صورة بلادنا، وأرى علامات الحسرة على وجوه الجماهير. بالنسبة إليّ كانت ثُمَانِيَّة ألمانيا الشهيرة لقاحاً قوياً، أيضاً كانت جرس إنذار دوَّى صوته عالمياً ثماني مرات.
نشرت “الحياة” قبل أيام جملة من النكات التي ظهرت بسبب أداء المنتخب، وللتوثيق فإن طرفة سماح “الفيفا” للمنتخب السعودي، تقديراً لظروفه، بأن يلعب بحارسين ظهرت قبل أيام من المشاركة. الطرفة التي دائماً ما أتوقف عندها، وتمر على الغالبية مرور الكرام، هي التبرير بأن الفريق لم يظهر بمستواه الحقيقي! ويصبح “المستوى الحقيقي” مثل أسطورة.
الحقيقة أن هذا هو المستوى الحقيقي، لماذا نترك نسبة الـ 90 في المئة و”نتشعلق” بالبقية الضئيلة التي يجلبها الحظ والحسابات! هذا هو المستوى الحقيقي، والمشكلة أن لعبة كرة القدم لعبة جماعية تمارس على المكشوف، لذلك تظهر النتائج على السطح بشفافية عالية، وإذا مورست دولياً فهي تخضع لمقاييس خارجية دولية أكثر شفافية وأقل حظاً، ومع ظهور حقيقة المستوى على أرض الملعب، فإن تشخيص المشكلة الحقيقية هو أول خطوة للعلاج، والأحاديث الصحافية التي قرأتها لبعض اللاعبين، الذين قالوا إنهم تلقوا درساً من أوكرانيا سيطبقونه في مباراة اسبانيا، تدخل ضمن تصريحات الاستهلاك الإعلامي التي أُتْخِمنا منها، وهي تدفع للضحك على فهم الواقع. أية دروس قمنا باستيعابها!
وبعد مباراة المنتخب مع المنتخب الاسباني تطل الحقيقة برأسها، وتتكرر المشكلة نفسها، المنتخب في الحقيقة يتدرب و”يجرب” في النهائيات، ولا أحد يطالب بكأس العالم أو حتى بالصعود. بالنسبة إليّ أطالب بألا ينهار المنتخب في لحظة وتتخبط الأرجل مع بعضها بعضاً، ويلعب أفراده بطريقة  “من قام عكرو له”! مطلب الجماهير تبييض الوجه حتى لو كانت هناك خسارة.
ومشكلة أخرى هي أن المنتخب السعودي لا يمثل بلاده فقط، بل يمثل قارة كاملة. لم تكن الإمكانات سبباً في يوم من الأيام. المسألة حلقات متصلة. الإمكانات تحتاج إلى أدوات وعناصر وإدارة بالمستوى نفسه.
وهنا ألتفت إلى “نعمة التشفير”. نعم أعتقد مع وجود منتخب بهذا “المستوى الحقيقي” فإن التشفير نعمة. تصور لو أتيح للجميع مشاهدة المباريات ماذا سيحدث؟ وكم من أضرار نفسية ستقع؟ التشفير كان نعمة!
أخيراً للمنزعجين والمتأثرين بسبب مستوى المنتخب… المتوقع! أقول “وسّعوا صدوركم”، وتذكّروا أنها ليست المرة الأولى، ولا أتوقع أن تكون الأخيرة… إلا في حال واحدة يفوز فيها منتخبنا على ألمانيا بثمانية أهداف نظيفة!

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.