التعطيل وجذب الاستثمار

أصيب رجل الأعمال السعودي بالدهشة من التعليق الذي سمعه من المستثمر الأجنبي، قام الأول بترتيب زيارة للأخير إلى هيئة الاستثمار، ليرى بأم عينه مخطط مشروع مدينة الملك عبدالله الاقتصادية، المستثمر الأجنبي تساءل باستغراب قائلاً: “لمن تبنون هذه المدينة… لقد أمضينا فترة طويلة للحصول على تأشيرة الزيارة؟”.
وصلني هذا تعليقاً على مقال “فن التعطيل”، وتعليق آخر من قارئ كريم، يشير إلى استنتاج قديم جديد، فهو يحيل المشكلة إلى ضعف الجهاز الإداري الحكومي، وعدم قدرته على مواجهة المستجدات ونوايا التطور والتحديث، ويخلص إلى أن الشق أكبر من الرقعة.
مهما كان كبر حجم الشق فلا بد من رقعه، لا بد من أن نستجمع قوانا الإدارية لإنتاج “رقع” كافية لرتق المنشق وحتى نتجاوز هذه المرحلة، المفترض أننا مستعدون للمرحلة المقبلة، خصوصاً أن الإعلانات عن المدن والمشاريع الضخمة تتوالى، وكلها ستمر عاجلاً أو آجلاً بقنوات جهاز حكومي أو أكثر، وإذا ما رجعنا إلى الوراء قليلاً وتفحصنا مثالاً طازجاً، حصل في سوق الأسهم واحتكار البنوك، وكيف أسهم البطء والاحتكار في تضخيم المشكلة، يمكن للمرء أن يستشرف المستقبل، والصورة المستقبلية التي تظهر للعيان لا تدعو للتفاؤل، أشير إلى أنه من السهل على الكاتب أن يدبج مقالات المديح والتمجيد مع كل إعلان عن مشروع جديد، لكن الأمانة توقفه عند حده، فهو لا يكتب لملحق إعلاني له هدف مادي موقت، ومن يقوم به وينشره ويحصل على دخله صرف النظر عن المضامين والتوقعات.
حتى نضحك على واقعنا سوياً، وفي موضوع آخر له صلة غير مباشرة بهذه القضية، أصدرت صحيفة محلية ملحقاً عن الدواجن المحلية، وهذا أمر عادي، فكل مسؤول في صحيفة يبحث عن أفكار لزيادة الدخل، المثير للضحك أنها نشرت في الملحق تقريراً يهوِّن من فيروس أنفلونزا الطيور، إلى درجة يجعله معها مجرد “شنشنة” إعلامية تشم منها رائحة المؤامرة الدولية! ما هكذا تتم خدمة المعلن، وخدمته أمر واجب على المستفيد، لكن ليس بهذه الصورة الفجة!
والمشاريع الاقتصادية بتلك الأرقام التي تحكي عن فرص العمل يمكن إعلانياً تسويقها بالصفحات الكبيرة وشيء من البهرجة، ولعل من اللافت تلك الإعلانات الكرنفالية التي نشرت عن مشروع مدينة الأمير عبدالعزيز بن مساعد في حائل العزيزة.
على الخريطة، تم التركيز على موقع حائل، ووضعت بؤرة لامعة تشع منها أسهم في كل الاتجاهات، ثم قيل شرحاً إن الموقع استراتيجي، ويربط كل العالم تقريباً… وهو ما أثار دهشتي… حسناً أرجو ألا يستعجل البعض، لأن حائل وأهلها في قلبي… غداً بعون الله تعالى نكمل.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.