هدية لوزارة الشؤون الاجتماعية

خابت توقعاتي! كنت أتوقع تفاعلاً إعلامياً ورسمياً مع حادثة قتل المرأة السعودية لنفسها في “محايل عسير” بسبب الفقر. القصة نشرتها “الحياة” بالصورة، وأشرت إليها الأسبوع الماضي، في مقال بعنوان “مصيبة أم”! لم يحدث أي تفاعل إيجابي سوى رسائل تعاطف وحسرة من بعض القراء، وكأني بقلوبنا قد شُيِّدت عليها طبقة غليظة من الأسمنت المسلح.
تبرعت السعودية بمبلغ بليون دولار لمكافحة الفقر في العالم الإسلامي الأسبوع الماضي. أتمنى أن تجد طريقها لمستحقيها ولا تذهب أدراج الرياح، وأقترح أن يكون للمنتجات السعودية نصيب من هذا التبرع، ليستفيد الاقتصاد المحلي.
إسهامات السعودية الخيرية خارجياً أمر معروف. وفي الداخل لا زلنا نتحدث عن مشاريع ونيات وخطط لمكافحة الفقر. نعم هناك مشاريع سكنية لذوي الدخل المحدود في بعض مناطق المملكة، لكن الفقر لا ينتظر، هناك حاجات يومية معاشية لكل إنسان، خلاف المشاريع السكنية، لم أر، “ونظري على قدي”، شيئاً يذكر لمكافحة الفقر غير النيات والتصريحات.
حسناً ما الفكرة المهداة إلى وزارة الشؤون الاجتماعية؟
أعتقد أن كثيراً من أهل الخير في هذه البلاد يحجمون عن البذل بسبب قلة المعلومات الموثقة. الصيغة المتعارف عليها هي بالمعرفة الشخصية. هنا حتى الفقير يحتاج إلى واسطة ومعرف. وهي جهود فردية ضعيفة الأثر على المستوى العام. في الجانب الآخر يقدم المتبرعون زكاتهم وصدقاتهم للجمعيات الخيرية، وهي جمعيات في الغالب ضعيفة إدارياً وليس لديها وضوح في الأولويات. تكب هذه الجمعيات، من خلال البريد، رسائلها في المناسبات، خصوصاً شهر رمضان، ثم تنتظر إلى الموسم التالي. هذه الجمعيات في حاجة إلى إعادة هيكلة وغربلة وإعداد نهج واضح لها، وأهم ما في الأمر إيضاح الأهداف للقائمين عليها. وليكن أول هدف هو مكافحة الفقر. أساليب المكافحة كثيرة ومتعددة ولا تحتاج إلى كثرة دراسات واستراتيجيات وسفر وانتدابات إلى دول أخرى لمعرفة تجاربها.
الفكرة تتلخص في إنشاء “شبكة المعلومات الخيرية”. تكون فروع الجمعيات الخيرية الموجودة هي البنية الأساسية مع حاجة لبعض التطوير. وتتاح هذه المعلومات لأهل الخير، وفق ضوابط مرنة، لا تسمح بالمساس بكرامة المحتاجين. وأقترح ألا تنفذ الوزارة هذه الفكرة بل تتركها لشركة متخصصة! السبب أن الأجهزة الحكومية في الغالب تفشل في إنشاء مراكز المعلومات، ولنا في وزارة العمل أكبر مثال حاضر، وأجزم أن وزارة الشؤون الاجتماعية تستطيع إقناع شركات مثل “أرامكو” أو “سابك” او “الاتصالات” بتبني إنشاء هذه الشبكة والإشراف على تنفيذها وتدريب الموظفين.
هل ترى مثل هذه الفكرة النور لتكون رافداً أهلياً منظماً لمكافحة الفقر، فيعلم الأغنياء عن أحوال إخوانهم الفقراء! أم أنها لن تجد صدى، مثل مصيبة الأم التي قتلت نفسها بسبب الفقر ولم يعلق أحد! ماذا تتوقع عزيزي القارئ؟

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.