هل تحتمل 2006؟

أشعر أن أواخر هذا العام مثقلة بالكثير، لعله يختلف كثيراً عن بدايته؟ أسراب من الشركات التي أقيمت على عجل – وبعضها قام بالكتمان – تنوى طرح أسهمها للاكتتابات. معظم إعلانات الشركات الجديدة وبعض القائمة والتي تنوى زيادة رأسمالها، وضع التاريخ أواخر عام 2006، ولو كان أوائل هذا العام جيداً اقتصادياً لقلنا إن الأمر معقول نسبياً. لكننا نعلم ماذا حصل في أوائل هذا العام، فقد شهدنا أكبر انهيار في سوق الأسهم، وهو “أكبر” انهيار يضاف إلى تصنيف “أكبر” سوق في المنطقة! وحتى الآن لم يعلن عن أسبابه، ما يرشحه لأن يكون “لغز القرن؟”.
بعد فترة بسيطة من إعلان مشروع مدينة الملك عبدالله الاقتصادية، أُعلن عن إنجاز الخطوة الأولى، فماذا كانت؟ إنها يا عزيزي استمارة الاكتتاب! وقتها أشرت إلى الأمر بمقال عنوانه: “أرقام وتصريحات”. الشركة الإماراتية “إعمار” وشركاؤها لا يمارسون الشفافية نفسها التي يمارسونها في سوق الإمارات… فهل هذا من خصوصية الاقتصاد السعودي؟
الأمر في غاية الأهمية، فلا يكفي أن نطلق أسماء على مشاريع المدن الجديدة، فنقول مدينة المعرفة، واستراتيجية، أو مدناً ذكية!.. إذاً، هناك مدن “غبية”! فأخبرونا عن أسباب غبائها وأسمائها، ومن المتسبب في حال الغباء هذه.
وحتى لا تكون هذه المشاريع مدناً ورقية، بخاصة أننا نعلم علم اليقين أن الشركات السعودية المشاركة في هذه المشاريع ليس لها من التاريخ ما يشفع لها في إنماء البيئة المحيطة بها، أعمالها تمحورت على نشاطها الرئيسي وهو نشاط تجاري بحت، بعضها نجح وبعضها الآخر يتأرجح، ولم تَعرف عن مجالس إداراتها شفافية تذكر. خذ قضايا زيادات رأس المال والطرح، وحقوق المساهمين إلخ…!
شركة مثل “أرامكو” قامت بتطوير التجمعات السكانية في المناطق التي تعمل بها، صحيح أنه تطوير نسبي تراه بارزاً في مناطق ولا ترى إلا القليل منه في مناطق أخرى. لكنه تاريخ يشفع ويبعث على الأمل. ثم إن إعلان مشاريع هذه المدن الاقتصادية بهذه الكيفية الفضفاضة لا يشجع على التفاؤل. لسنا بحاجة إلى مدن مغلقة على نفسها.
 إيجاد فرص العمل يحتاج إلى عناصر جذب حقيقية متوافرة في المناطق المختارة، وأن يتم ذلك بالشفافية المطلوبة، أما المشكلة الرئيسية والمخيفة، والتي أتمنى ألا تكون هدفاً رئيسياً للقائمين على هذه المشاريع فهي أن يكون الهدف “الأسمى” فقط… هو طرح الاكتتابات، وجمع الأموال من المواطنين! إن مجلس الاقتصاد الأعلى ومجلس الشورى والإعلام مسؤولون عن فحص هذا التوجه وإخضاعه للنقاش بما يفيد البلاد والعباد، وهو أقل الواجب لتحقيق رؤية خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – الحريصة على التنمية الشاملة، لتصل إلى كل مواطن وتبقى لأجيال. الصورة الراهنة تشير إلى “مضاربات استثمارية”! ومن المفترض أن نستفيد من تجربة أوائل هذا العام الموجعة، ولا نكرر أنفسنا بشعارات جديدة، وصمت جديد.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.