كيف نحاصر التسلل؟

الكلفة الباهظة التي تدفعها الدولة والمجتمع بسبب تفاقم حوادث التسلل الحدودي من الصعب إحصاؤها، إنها تتداخل أمنياً واقتصادياً واجتماعياً، وهي تستنزف جهوداً ضخمة من الجهات المعنية في وزارة الداخلية، بدءاً من حرس الحدود وانتهاء بالشرط، إلى أن تصل إلى حملات ملاحقة المقيمين غير الشرعيين ومكافحة التسول.
هنا من المهم أن نفكر في أساليب جديدة، ومع واجب بقاء الاستنفار الأمني عند أقصى حدوده يمكن لنا إضافة جانب مهم وهو التوعية النوعية، ولا يمكن حصر توعية المواطن والمقيم داخلياً في التحذير وتجريم التعامل مع المخالفين والمتسللين وإيقاع العقوبات بمن يساعد في تهريب أو تيسير الإقامة والعمل لمخالف، ثبت أن هذا وحده لا يكفي، بل يمكن لنا التوعية هناك في دول الجيران، ونركز على أهمها من حيث كثافة المتسللين منها.
في كل موسم صيف تكثر البلاغات عن جثث متحللة في مناطق نائية، أبرزها صحراء رنية، حتى أصبحت هذه الصحراء مثل المتاهة المرعبة، والقصص أكثر من أن تروى، آخرها ما نشرته جريدة الوطن. إذ أبلغ مواطن من رعاة الإبل عن جثتين متحللتين، ليصبح عدد الجثث المكتشفة 46 جثة! لم يحدد الخبر الفترة الزمنية، لكن خبراً آخر يكشف لك أن هناك المزيد من جثث محتملة، “مهرب يترك 23 متسللاً من اليمن ويهرب” وأين؟ في صحراء رنية أيضاً، تم إنقاذ هؤلاء المساكين، وكان من الممكن أن يتحولوا إلى جثث جديدة أخرى، تركهم المهرب بدعوى الذهاب إلى المحافظة للحصول على الأكل والشرب ثم العودة، لكنه لم يعد، تصور لو أن الجهات المعنية قامت بإعداد برامج وأفلام وثائقية عن المتسللين والمستقبل الذي ينتظرهم في صحراء مثل صحراء رنية، أو المستقبل الذي ينتظرهم كمتسولين في الشوارع وملاحقين أمنياً في كل زاوية، تخيل أثر ذلك على الجموع التواقة من المتسللين الجدد، يبيع بعض المتسللين أملاكهم البسيطة في بلادهم، ويدفعون للمهربين الكثير، طمعاً بمستقبل أفضل، وقد لا يكون هذا المستقبل سوى الموت عطشاً، واستنزاف الجهود من الجهات الحكومية في السعودية.
 أطمع في اهتمام الإخوة في وزارة الداخلية بقضية التوعية تلك، وإيضاح الحقيقة للحالمين بالثراء في بلاد تشكو من بطالة كثير من شبابها، وأعتقد أن الجهات الإعلامية في اليمن واللجان المشتركة التي طالما اجتمعت وحاولت إيجاد حلول لقضايا التسلل والتسول سترحب ببث مثل هذه البرامج والأفلام، وإذا لم يحصل تجاوب من هناك، يمكن لوزارة الداخلية السعودية أن تستخدم قنوات فضائية كثيرة تبحث عن مادة للبث.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.