إذا أردت أن تعرف حدود مشروع الشرق الأوسط الكبير، أقصد المشروع السياسي الأميركي الذي تبنته بعض الدول العربية، وأقامت له المؤتمرات الترويجية، فعليك معرفة قدرات القاذفات الإسرائيلية في الوصول والتدمير، وفي مقابل العمل الدؤوب من السياسة الخارجية الأميركية لترسيخ الهيمنة الإسرائيلية على المنطقة والعالم العربي تحديداً، تكتفي بعض الدول العربية بدور الوساطة لمشروع الحلم الإسرائيلي، هذه السمسرة هي السقف الأعلى للمتاح في تلك الأذهان، أما الدول التي تتحدث عن المواجهة وتحث على التضامن والصمود البطولي، فأمرها على أرض الشارع العربي أمر عجيب. في الشارع العربي تفاصيل صغيرة، هي في الحقيقية نماذج للسياسات الكبيرة، وكل شارع وسياساته، وإذا أخذنا ما حدث للسياح الهاربين من خليجيين وغيرهم، وللمغتربين اللبنانيين، الذين اضطروا للهرب أو العودة مروراً بالأراضي السورية والأردنية، من سوء في التعامل وابتزاز بمضاعفة الأسعار واهتبال للفرص، إذا أخذنا ذلك نموذجاً وقمنا بقياسه على سياسات تلك الدول، من خلال تصريحات الدعم والوقوف… سواء إلى الجوار أو على جنب! نعلم علم اليقين أن هناك اهتبالاً للفرص، حتى لو كانت هذه الفرص ملطخة بالدماء والدمار والذعر والانقطاع عن الأهل والأصحاب. في واقعه الغالب لا يتجاوز التضامن العربي تسيير المظاهرات بلافتات وصور، لتنطلق بعد ذلك التصريحات الرسمية، لكنه يقف عاجزاً أمام إيواء مذعور انقطعت به السبل، لأنه لا يحمل في داخله حقيقة التضامن، شاهدنا ذلك عند دخول صدام حسين الكويت، ونشاهده حالياً في لبنان المدمر، فهل تعتقد عزيزي القارئ بإمكان وصول قافلة إغاثة سالمة إلى لبنان؟ لا أقصد سالمة من القصف الإسرائيلي الوحشي، بل من قصف التضامن العربي الذي لا يتجاوز الشعارات، أحوال الشوارع العربية تدل على أحوال صالوناتها السياسية، لذلك تستمر الدولة الصهيونية في تحقيق أهدافها، فالكلام عمّا يسمى الوقوف إلى الجوار لم يتحول إلى فعل، حتى عند الحد الإنساني الأدنى، وهو في أقصاه يسير مظاهرات مؤيدة وشاجبة، فماذا يستفيد اللبناني الذي تشرد أطفاله ودُمر منزله من الصراخ البعيد. في المقابل، يتجاوز الذين هللوا وبرروا الحرب على العراق باسم التحرير والديموقراطية، هؤلاء يتجاوزن واقع مستنقع الدم في العراق ولا يلتفتون إليه، إنهم ينظرون إلى الأمام متطلعين إلى مشروع جديد لا يعرفون نهايته. هذه هي إسرائيل، وهذا هو مشروعها الكبير، فهل يمكن أن تناموا بأمان وهي إلى جواركم؟ أما الراعي الرسمي للغطرسة الإسرائيلية… السيد بوش وحزبه وحكومته، فإن أفضل وصف يطلق عليهم هو تلك العبارة التي قالها، هو، في لحظة صدق مع النفس قبل أيام.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط