الانتهازية الفضائية

أسأل نفسي وأنا أطالع قناة “الجزيرة” في متابعتها للإرهاب الإسرائيلي المستمر على لبنان، أسأل ألاَ يخجل العاملون فيها من أنفسهم؟ تعلن هذه القناة أن السلطات الصهيونية قامت بمحاصرة مراسليها، ومنعهم من نقل الحقائق على الأرض إلى حد الاعتداء عليهم، ثم تقوم بفتح المجال للناطق باسم جيش الإرهاب الإسرائيلي ليتحدث بأسلوب الحمامة عن الإرهاب الذي تتعرض له دويلته من اللبنانيين! ولا تستطيع المذيعة ولا المذيع أن يطرحا عليه سؤالاً ذا قيمة، يتم تمكينه من المراوغة بعدما يكون حصل على الحضور الفضائي، وهي لا تصر على البحث عن الحقيقة المغيبة من قوات هذا المتحدث، ينقطع المذيع نفس أو المذيعة ذاتها بسرعة البرق فلا تعيد وتؤكد سؤالاً له قيمة! “شطارة” هذه القناة على بعض الدول العربية تتلاشى وتختفي هنا، حدها الأعلى هو الاتصال بالمتحدث باسم جيش الإرهاب الإسرائيلي، أريد أن أعلم: هل لهذه القناة والعاملين فيها موقف مما يحدث في لبنان وما هي ماهية هذا الموقف؟ هل هو ينتهي عند نقل الأخبار المتاحة فقط. وهي التي مارست منذ إنشائها شطارة الانتهازية والانتقائية في طرح القضايا العربية، أسأل ما هو لون هذه القناة ؟ ونحن نرى قنوات العدو الصهيوني تتوقف عن بث كل ما تعتقد أنه يضر بسلامة الدولة الصهيونية.
شطارة هذه القناة تتجلى في إبراز الرأي الآخر حتى ولو كان رأي العدو وتمكينه من بث سمومه في أذهان مشاهديها! أليس من موقف لها مما يحدث؟ في مقابل هذه تجتهد في انتهاز التناقضات العربية، لكنها لا ترى بأساً من أن تبث من جوار ممثلين للدولة المعتدية، هل هذه هي المهنية الإعلامية؟ أتابع أخبار بعض القنوات الإخبارية الأميركية فلا أرى إلا تعاطفاً سافراً مع “الأبرياء” الصهاينة، وإغفال تام لما يحدث من تدمير وتهجير ومجازر في لبنان، ألا تخجلون؟ رسالتي هي للعاملين في هذه القناة، في حدود المنفعة الضيقة! ربما يكون لبعضكم منزل هناك أو قريب وربما صديق، أليس من موقف ناتج من ضمير؟! أم أن ضمائركم انفصلت عن جذوركم، يمنع مراسلوكم من المتابعة والتغطية ويُعتدَى عليهم فتفتحون أبواب شاشة قناتكم لتجميل الإرهاب الإسرائيلي بلسان عبري رسمي عسكري! هنا تنتهي حدود الشطارة الفضائية، وهنا يتمثل عمق الانتهازية الفضائية. أسأل ما قيمة المهنية الإعلامية التي تدّعونها من دون موقف؟ ومن دون طعم ولا لون؟ هل سألتم أنفسكم: ما قيمتكم أنتم وأدوات في يد… أخبروني؟

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.