لماذا يا هيئة الاتصالات؟

تحولت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات إلى حارس مدجج بقوى الحجب والمنع لمصلحة شركات الاتصالات، إذ أصبحت هذه هي الصورة العامة المتجذرة في نفوس عموم «العملاء»، ومعهم الحق في ذلك، والسبب أن «الهيئة» نفسها منذ إنشائها لم تتمكن من القيام بالدور المتوازن العادل كما يجب وينتظر، أي حماية حقوق العملاء كما تحمى مصالح الشركات. هيئة الاتصالات بحاجة إلى وقفة مع النفس، لتنظر إلى الأمور بميزان العدل، وتحافظ على مصالح الشركات من دون غمط لحقوق العملاء، ولا نعلم عن مدى توفر القدرة الفنية مع الإرادة الإدارية لتحقيق هذا الهدف الذي أراه أهم واجبات هيئة الاتصالات. في لقاء مع رؤساء شركات الاتصالات الثلاث في برنامج «مال ثينك تانك» في «يوتيوب»، أوضحوا تضرر الشركات من تطبيقات تواصل، ففي حين تدفع الشركات رسوماً للدولة، وحصلت على رخص رسمية، تتسلل هذه التطبيقات لأخذ حصة من السوق على حساب الشركات.

يمكن تفهم موقف هيئة الاتصالات بحجب تطبيقات تواصل أجنبية، لكن يجب النظر إلى أسباب لجوء «العملاء» إلى هذه التطبيقات، إذ يمكن تحقيق التوازن المطلوب بتطبيق مبدأ «سددوا وقاربوا».

في ما يخص هذه النقطة، ضرورة مراجعة الرسوم والأسعار لشركات الاتصالات ومدى عدالتها، والنقطة الجوهرية الثانية، وهي في تقديري سبب رئيس لتشوه الصورة عن شركات الاتصالات، تكمن في استغلال العملاء بالعروض. وللتوضيح؛ شركات الاتصالات تقدم عروضاً «تقنية» فنية، بشكل «باقات» بمسميات كثيرة، والعميل في الغالب الأعم لا يفهم في هذه الأمور الفنية، ولا يستطيع تقويمها ومدى صلاحيتها له أو حاجته إليها، الاستغفال في حجم البيانات الموفرة أو سهولة التحميل والاتصال والسرعات وارد وتقويم عدالته وصدقيته قبل طرحه هو من صلب واجبات ومسؤوليات هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات «الحكومية». فهي الهيئة الفنية المشرفة. ثم أن كثرة العروض ومسميات «الباقات» وتشعبها وتشابه مسمياتها ببعضها البعض أصبحت مثل الموضات رائحة «تجارة التسيد» والترغيب القسري بكثرة الاتصالات فيها صارخة.

هل تستطيع «الهيئة» القيام بهذا الدور لتحقق رضا العملاء من دون غمط لمصالح الشركات؟ لهذا السؤال جواب يتردد في الشارع، يقول إن لوبي الشركات داخل «الهيئة» قوي، وبخاصة مع تداخل النشأة منذ ولادة «الهيئة» من داخل وزارة الاتصالات. وحضور الشركات لا شك أنه أقوى داخل «الهيئة» ومعها، مقابل ابتعاد «العميل» عن هذه الدائرة، فلا وجود لمحامٍ قدير يحافظ على حقوقه في الداخل.

 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.