غضبة إسلامية!

هل نحن في حاجة إلى غضبة إسلامية لمواجهة تصريحات بابا الفاتيكان؟
الغضب وتأجيج الشارع الإسلامي هما أسهل الأمور، والغضبة الإسلامية كما يطالب بعضهم بتفجيرها ستحقق خسائر أكثر للمسلمين، وستوحد جبهة أعرض من الجبهة القائمة حالياً ضد الإسلام والمسلمين.
سيزداد حلفاء المحافظين الجدد في أميركا والمسيحيين الداعمين للصهيونية ولإسرائيل، وسيجدون جموعاً أكثر خلفهم، تؤمن بأطروحاتهم المتطرفة، بل ربما ستساعد “الغضبة الإسلامية” التي يطالب بها بعضهم في تحسين صورة بوش وبلير المنحدرة، وإنقاذهم في أوساط الرأي العام الغربي.
نحن بحاجة إلى عقلانية إسلامية، بحاجة إلى ردود علمية تاريخية من العلماء والباحثين على كلام بابا الفاتيكان، ردود تُوجّه إليه، وتدحض آراءه التي طرحها. ردود لا تمس الديانة المسيحية ولا رموزها، ولا تمس حتى البابوية والفاتيكان، ولا تخاطب عواطف الشعوب الإسلامية. نحن أكثر ما نكون بحاجة لأن يترك أمر الرد للجهات المختصة، مثل منظمة المؤتمر الإسلامي، ورابطة العالم الإسلامي، وهيئة كبار العلماء والأزهر. ردود تبتعد من العاطفة، ولا تؤجج الرأي العام في العالم الإسلامي، فنرى ما رأيناه في الشوارع الإسلامية عندما قامت الصحيفة الدنماركية بنشر الرسوم المسيئة، فكان الرد العاطفي في الشوارع مسيئاً لقضية عادلة.
إنني أطالب الإخوة الدعاة والوعاظ بأن يوجهوا رسائلهم ومقالاتهم وخطبهم إلى الجهات الرسمية الإسلامية، ليطلبوا منها الرد، وأن يبتعدوا من التوجه للداخل في بلدانهم، حتى نحد من الخسائر المتوقعة، وحتى لا نقدم فرصة للمحافظين الجدد والجهات التي تقف وراءهم وللدولة الصهيونية، وإذا لم نفعل ذلك فربما سنجد أنفسنا أمام تحالف جديد ضد الإسلام والمسلمين. سنجد أنفسنا، لا سمح الله، أمام إعلان رسمي لحرب دينية بين المسلمين والمسيحيين. وإذا ما وصل الحث على الغضب إلى الغوغاء فيمكن توقع ما سيحدث، ونتائجه مدمرة، لن يستفيد منها سوى الأعداء. وعلى الهيئات الإسلامية – وفي مقدمها منظمة المؤتمر الإسلامي – أن تمسك بزمام الأمر من بدايته، وتدير هذه الزوبعة بعقلانية وهدوء، وأن ترسل وفداً من العلماء المختصين على عجل إلى الفاتيكان، لنزع فتيل الفتنة، فما قد يحدث من انفلات في هذه القضية ليس في مصلحة الجميع.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.