“لو كنت أملك أموالاً طائلة، لقاضيت بوش وبلير لدعمهما الإرهاب وتحريضهما عليه، علماً بأنه تم تحذيرهما من أن ما يسمى بـ “الحرب على الإرهاب” ستزيد الأمر سوءاً، وهذا ما حصل بالتحديد فباتا شريكين في افتعال الكوارث التي نشهدها حالياً”.
هذه الكلمات لم يقلها متطرف محسوب على الإسلام، ولا “قومجي” عربي، بل اقتبستها من مقال ثري للمفكر البريطاني أنطوني بارنت، نشرته جريدة “الحياة” على ثلاثة أرباع الصفحة في ملحق “أفكار”، بتاريخ 3 أيلول (سبتمبر) 2006. قد لا تتفق مع كل أطروحات بارنت، لكنك لا بد أن تحترم صدقيته وعمق آرائه.
استنتج بارنت في مقاله أنه لا ضرورة للمرء أن يكون حكيماً ليدرك أن استراتيجية من هذا النوع، يقصد ما سمي زوراً بالحرب على الإرهاب، تحكم على جميع الأطراف بالدمار. وأن الحكومة الأميركية منيت بهزيمة نفسية وهي لا تعترف بذلك وهذا خطر على الجميع.
إلا أن الرئيس بوش، الابن، لا يزال يرى أن العالم أصبح أكثر أمناً، ومن ذا الذي يستطيع إقناعه بأن الحقيقة عكس ذلك تماماً، إنه يشبه روبوتاً (رجلاً آلياً) تمت برمجته. فهو لا يرى من العالم سوى إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية، على رغم أنه يدعي اهتماماً باستنساخ الديموقراطية فكانت نسخته الباهرة، جمهورية الجثث الديموقراطية في بلاد الرافدين، ويأتي السفير البريطاني الجديد في العراق لينسف تصريحات لسلفه فيخفف من إمكان وقوع حرب طائفية في العراق! إذاً ما الذي يحدث الآن ومن قام بزراعته؟ إذا تفحصت القائمة الطويلة من سلسلة النفي الأميركي لأحداث ثم الاعتراف بها مخففة لاحقاً، سينقطع نفسك، سجن أبو غريب، قتل المدنيين المستمر في العراق بواسطة قوات “التحالف”، اغتصاب النساء والأطفال والسرقات في أضحوكة إعمار العراق، غوانتانامو، السجون السرية خارج الولايات المتحدة، وغيرها… تعلم أن كل نفي أميركي يعني إثباتاً قاطعاً، وكل وعد أميركي هو كذب بواح، وهو ما ينطبق على بلير، إنها استراتيجية الكذب والدمار، وهذا هو بلير بعد غياب طويل عن الساحة الإعلامية لا يتورع عن زيارة بلد شارك هو في تأييد الاعتداء عليه وأسهمت آلته السياسية في إرجاء وقف قتل مواطنيه، فيخرج بتصريح يستغرب فيه مواقف بعض الساسة الأوروبيين المعارضة للسياسة الأميركية الخارجية!
على بعد عشرات آلاف الكيلومترات من العراق ولبنان وأفغانستان يعلن الرئيس بوش أن العالم أصبح أكثر أمناً، والريادية له ولحلفائه في الوصول إلى هذه النتيجة، وينتهز ذكرى أحداث أيلول (سبتمبر)، أو مصباح علاء الدين السحري، الذي قدمه أسامة بن لادن هدية لخصمه جورج بوش، تحولت ذكرى أيلول إلى محرقة أخرى يجري استخدامها كل عام لشحن قوى الهيمنة، فيستمر بوش في تدمير العالم ليصبح أكثر أمناً، أما إذا سألت عن حصد الأرواح اليومي في العراق، وعلى من تقع المسؤولية، فالإجابة جاهزة: إنهم الإرهابيون! لكن هل هذا هو كل الحقيقة؟
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط