القبض على والحكم على

إذا تفحصت ما ينشر عن جهود رجال الأمن والجهات الرقابية الأخرى تجد كثرة أخبار “القبض على”، في مقابل هذا تجد ندرة في أخبار “الحكم على”! وفي هذا مؤشر له دلالات يمكن التأسيس عليها، فيحق الافتراض أن النظر في القضايا وصدور الأحكام يتأخران تأخراً كبيراً، أو أن الاهتمام بنشر صدور الأحكام وتنفيذها لا يجد الأهمية نفسها لدى الجهات المعنية، وربما كلا السببين معاً، وهو الأقرب في تقديري.
نشر الأحكام القضائية الصادرة، ونفاذها، يوازي في الأهمية جهود الملاحقة والقبض على… بل إن الاهتمام به يشكل عامل ردع كبيراً وتوعية ضرورية، وأتوقع أن وزارة العدل وهي المعنية بالمحاكم، حتى الآن غير مهتمة بهذا الجانب، أو تتعامل معه تعاملاً وظيفياً بيروقراطياً لم يخرج من أسر فترات سابقة، قياساً بما تقوم به جهات مثل الشرطة والجوازات وإلى حد ما التجارة من اهتمام بإبراز جهودها الميدانية، وهو تحول نوعي إيجابي خصوصاً لدى الشرطة والجوازات، حيث فاقتا مختلف الجهات في الحرص على إبراز جهودهما إعلامياً. إن عدم الاهتمام بنشر الأحكام القضائية والحرص على تزويد الصحف بها، يشير إلى خلل، وهو يضر بجهود مكافحة الجرائم بأنواعها، وكنت أطمح سابقاً أن يصل نشر الأحكام إلى دوائر مستهدفة، خصوصاً في حالات تكرار جرائم معينة من جنسيات بعينها، بحيث يتم الحرص على وصول أخبار الأحكام القضائية التي تصدر بحقهم إلى تجمعات هذه العمالة نفسها، فإذا كان النشر في الصحف المحلية بهذا المستوى وهي أصلاً غير مقروءة من العمالة غير العربية، على هذا الأساس يمكن لنا توقع أنهم يعيشون بيننا في جزر نائية.
ولأن نشر الأحكام القضائية خصوصاً في القضايا الجنائية وهي كثيرة يصب في مصلحة استتباب الأمن، فلعل وزارة الداخلية وهي التي تتحمل الجهد الوافر تهتم وتبادر لحث وزارة العدل والجهات الأخرى بالحرص على التواصل مع الإعلام، وفي موضوع له صلة مباشرة بالعلاقة مع وسائل الإعلام وجهود المهتمين بالشأن العام، يسعدني التنويه بقرار مدير الأمن العام الأخير، وبحسب وكالة الأنباء السعودية، فإنه تم “تشكيل فريق عمل يضم مجموعة من الضباط المختصين في مجال البحث الجنائي والعمل الشرطي لدرس السلبيات التي تصاحب قضايا سرقة السيارات، من أهمها سرعة استقبال البلاغ وتمريره هاتفياً لعموم الدوريات العامة بالميدان، وأيضاً سرعة التعميم عن السيارة بالحاسب الآلي” انتهى.
لست بصدد الحديث عن “الجهاد” الذي قامت به الصحافة، حتى يتم الاعتراف رسمياً بظاهرة سرقة السيارات، وأخطارها، فالمهم أن نتقدم، والخطوة الأولى في الطريق هي الاعتراف بالواقع، شكراً لسعادة مدير الأمن العام… وننتظر المزيد.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.