حتى هذه اللحظة فشلت كل الجهود والمقالات والندوات الصحافية التي تطالب بإنشاء جمعية أو هيئة مستقلة لحماية حقوق المستهلكين. وقد تم استهلاك حبر حول هذا الموضوع يكفي لإصدار صحف لمدة عام. ويعرف حتى الآن أسباب تعسر ولادتها، وما قصة العراقيل تجاه هيئة من هذا النوع، على رغم الحاجة الماسة إليها وعلى رغم شكاوى الناس التي لا تنتهي من ارتفاع الأسعار وسوء خدمات ما بعد البيع، وغمط حقوق المستهلكين، “البضاعة لا ترد ولا تستبدل”! لماذا؟ هل هي سيئة إلى هذا الحد؟
وفوق هذا أمور أخرى، مثل ما نشر عن المشروبات الغازية، وما قيل عن أن بعضها يحتوى على شيء من جوف الخنازير، وأيضاً ما يتم تداوله عن نوع شهير من اللبان “العلكة”، يقال أيضاً إنه يحتوى على مستخلصات من شحم الخنزير، وما ذكر عن “استحباب” عدم الإكثار من مشروبات “الطاقة” بعد الإفراج الصحي الرسمي عنها، على رغم أنها تدخل من خلال الإعلان المركز مباشرة إلى البنكرياس.
لو كانت هناك هيئة تدافع عن حقوق المستهلكين لما وصل الأمر بنا إلى هذه الحال، فأصبح كل مستهلك مسؤولاً عن نفسه، لأن مسؤولية حمايته غير واضحة المعالم ومجزأة الصلاحيات ومتناثرة الفاعلية. والتقارير المنتشرة شفاهة ويتسلح بها المستهلك في هذا الظلام المعلوماتي والحقوقي، تعتمد على هيئة “يقولون”. وهي هيئة مؤثرة وقد تضر أحيانا، فيقولون إن الدجاج “الفلاني” فيه ما فيه من المصائب، وأن العصير “العلاني” يستخدم مياهاً غير صالحة للشرب، وخذ من يقولون ما تشاء، “وكل شاة معلقة بكراعها”!
في الجارة الشقيقة “غضة العود” دولة الإمارات صدر نظام لحماية المستهلكين قبل أسابيع، ونحن مازلنا ندرس وندرس. فهل يلجأ المستهلكون لهيئات حقوق الإنسان، وهي منهكة بما يصلها من أمور مهمة، وإمكاناتها لا تزال ضعيفة.
اكتب هذا من قبيل “التنفيس”، لأني لو جمعت ما كتبته عنه منذ بداية مشواري لأصدرت أكثر من كتاب. وقد طرأت علي فكرة، وبحكم عدم وجود “قابلة” لهيئة تحمي المستهلكين، الله يقبلنا وإياكم في هذا الشهر الفضيل، أقترح إنشاء هيئة مصالح المكتتبين، ولا نضع في الاسم المقترح كلمة”، حماية” حتى لا يفهم الأمر خطأ! ولأن المكتتب الآن يعيش حياة الدلال والإغراء، وتصرف الملايين على إقناعه، ويتم “توعيته” من خلال نشرات الإصدار الملونة، والحصول على المعلومات من مصادرها! ولترتيب أمورهم – أقصد المكتتبين وليس جهات أخرى – وحماية مصالحهم التي بحمايتها نحمي الثقة بالاقتصاد و… اكتتابات مقبلة ربما نكون وقتها في حاجة ماسة لتغطيتها، ولأنه ليس لهم صوت يسمع و”لا أحد شاورهم”، أقدم هذا الاقتراح لمجلس الاقتصاد الأعلى، وهو المسؤول الأول عن الاقتصاد الوطني… لعل وعسى يرى النور.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط