إساءة استخدام البيانات الشخصية الخاصة، والتلاعب بها بكل ما يعني ذلك من تحميل أصحابها الأصليين مسؤوليات وتجاوزات، هي سرقة ونقص خطر في الأمانة. هذه القضية لم تجد حلاً جذرياً حتى الآن، ولقد مررنا بفترة تكاثر فيها تسجيل مخالفات مرورية بأسماء خادمات أو نساء، ولم تعد تنشر الصحف قضايا من هذا النوع، لعلها انعدمت مرورياً، لكن رسالة نشرت للقارئ الكريم محمد عثمان في “الحياة” السبت الماضي، وهو من السودان ويعيش في مدينة الخبر، تثير كثيراً من الأسئلة المؤلمة، وأيضاً تدفعك للضحك على مستوى الرقابة في شركة اتصالات لم يحدد اسمها. ابنة الأخ محمد استخرجت بطاقة اتصال مسبق الدفع. نحن نعلم أننا عشنا ردحاً من الزمن “ردحت” فيه البطاقات المدفوعة الثمن مسبقاً، “على الواحدة ونص” من دون حسيب أو رقيب، وصارت تجارة رائجة، وتطور الأمر إلى أن تحولت لشركات توظيف أموال، معظمكم يتذكرها. ابنة الأخ محمد – واسمها “مي” – أرادت استخراج بطاقة ثانية فتم اكتشاف وجود تسعة خطوط باسمها! تم ذلك بتغيير العمر والجنسية، حتى أنهم – كما ذكر الأخ محمد – قاموا بتجنيسها بجنسية هندية! وجعلوا عمرها أكثر من قرن من الزمان! بمستوى أمانة مثل هذه، هل يطمئن الإنسان على بياناته الشخصية؟ بالتأكيد الجواب لا. وكنت أتوقع أننا وضعنا هذا الأمر خلفنا، وتجاوزنا استمرار التجارب في رؤوسنا، لكن الحال بقيت على ما هي عليه. ففي كل تقنية جديدة ومشروع جديد نبدأ من تحت الصفر، وهذا لا يمنع بعضهم من التصريح بأننا نبدأ من حيث انتهى الآخرون!
وأتذكر شكاوى قبل أربع سنوات تدور حول استخدام بيانات شخصية لمواطنين بعدد لا يصدق من خطوط أصلية للهاتف الجوال، وتحميلهم كامل مسؤولية الفواتير. أناس من مناطق نائية إما كبار في السن، أو أميون تستغل بياناتهم الشخصية. ولست أعلم ماذا تم في تلك القضايا، لكن هذه القضية تشير إلى أن المشكلة قائمة، وأن الردع ضعيف، وربما غير موجود. فهي طازجة وجريئة. هذا يطرح سؤالاً حول أهمية حماية البيانات الشخصية، سواء لدى الشركات ام الجهات الحكومية وتجريم استغلالها.
وبما أننا نتحدث عن الاتصالات، أود أن أسأل الإخوة القانونيين: هل يحق لشركات الاتصالات أن تستغل أرقام المشتركين فتمرر لهم ما رخص من رسائل الدعاية والدعوات للاتصال بأرقام 700 وغيرها؟ أليس هناك قيمة لرقم الهاتف الجوال، وهو رقم شخصي؟ وكيف يحق لهم الاستمرار في اقتحام هذه الخصوصية؟ إن الواجب على هيئة الاتصالات أن تحمي المشتركين، أقلها أن يطلب من شركات الاتصالات أخذ الإذن من صاحب الرقم، هل يقبل استقبال رسائل الدعاية أم لا؟ فلماذا يتكرر المرور بمراحل رمادية يلعب فيها اللاعبون ويتضرر الغافلون… و”يا غافل لك الله”!
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط