المقعد يلحق بالسرير

وقوفاً على رجليها الصغيرتين تنتظر الطفلة “عائشة” غياب إحدى زميلاتها في الفصل حتى تتمكن من الجلوس! ومنذ بدء الموسم الدراسي والحال على هذا المنوال، أما الجواب الذي تحصل عليه والدتها عند السؤال، فهو جملة تتلخص في أنه لا يوجد مقعد! يحدث هذا في المدرسة 227 الابتدائية في حي الملك فيصل بمدينة الرياض، أي في المملكة العربية السعودية، ويعلم الجميع أن مساعدات حكومتها التعليمية تخطت حدودها! وهكذا بعد انقراض السرير للمرضى المحتاجين، ينقرض المقعد الدراسي ولا يفهم الإنسان الأسباب. توقع المواطن اندثار مقولة “البند لا يسمح”، فلم تعد عذراً مقبولاً، فما هو العذر؟ وأين الخلل يا سادة؟ وفي الوقت الذي ينتظر فيه المواطن انفراجاً في الاختناقات، لا أرى في ما يصلني إلا مزيداً منها، أحدها قصة عائشة.
قد تكون هناك قصص مماثلة لم تصل إلى  الصحافة، ومن المعلوم أن الفصول الدراسية مزدحمة، يتراوح عدد الطالبات في الفصل ما بين 40 إلى 50 طالبة! ومثلما تعودنا على شكاوى عدم القبول في الجامعات والكليات، حتى أصبحت جزءاً من الخصوصية، وأوجدت “بزنس” كبيراً في الدول المجاورة، يظهر أن المقاعد الدراسية ستنضم إلى الركب، ومع هذا الازدحام والوقوف ماذا يمكن أن نتوقع من المخرجات التعليمية؟ وفي معضلة عدم توافر أسرَّة في المستشفيات، كنت أنوى الكتابة مقترحاً حلولاً موقتة، مثل إقامة مستشفيات ميدانية! قد يبدو هذا الحل مضحكاً. المستشفيات الميدانية لا  تقام إلا في حالات الطوارئ… صحياً ألسنا في حال طوارئ؟ أينتظر المريض إلى حين انتهاء المشاريع المعلن عن توقيع عقودها؟ وماذا يمكن أن أقترح بخصوص المقعد الدراسي؟ تصنيع مقاعد جديدة؟ وهل لها مساحة في الفصل؟!
أحاول ما استطعت اقتراح حلول. وهي حلول “على قدي”. وألاحظ عند نشوء أية ظاهرة، أو وقوع حادثة، ان هم  بعض الجهات الرسمية يتركز على رمي الأسباب على جهات أخرى. وقد يكون في هذا “بعض” الصحة، ولكن يجب قبل التنصل من المسؤولية محاولة إيجاد حلول. كلنا معنيون بهذه الاختناقات والحوادث، وكلّ من موقعه يحاول تقديم فكرة أو إشارة إلى فجوة. وتعيدنا حادثة احتراق المعلمات المأسوية إلى جدل على من تقع المسؤولية؟ وسيتفرق الدم ما بين السائق، المركبة، الطريق، طول رحلة المعلمات، وفي ذهني اقتراح بسيط، وهو ليس اختراعاً! ربما يسهم موقتاً في التخفيف من هذه الحوادث. يُعمل برنامج تتنازل فيه المعلمات الراغبات في النقل إلى اقرب مكان لمنازلهن عن جزء من الراتب، ومن الوفر تقدم حوافز للصابرات على العمل بعيداً من مساكنهن. على الأقل سيكون لديهن خيار.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.