الحاجة ماسة إلى خطة عربية واقعية لإنقاذ العراق. إنقاذه من الإرهاب المتلون. إنقاذه من المحتل المشارك المتفرج الذي حطم الدولة ثم أوقد الفتنة بحثاً عن الخروج. إنقاذه من النفاق السياسي المستشري. إنقاذه من بعض أبنائه الذين أصيبوا بعمى شهوة الانتقام والتسلط. إنقاذه من بعض القوى الإقليمية التي جعلته ميداناً لتصفية الحسابات، وعرض العضلات، وتأجيل طرح الملفات.
يجب أن نتجاوز المشاركة العاطفية والتمنيات، وبيانات التنديد والشجب والاستنكار لما وصلت إليه الحال بين أبناء العراق إلى فعل ملموس لإصلاح حال هذا البلد الشقيق والجار.
السياسيون العراقيون الذي يمسكون الآن بخيط من خيوط الزمام يعلنون كل يوم حرصهم على ضبط النفس، ويطالبون مؤيديهم بضبط النفس، وعلى أرض العراق لا يحدث من أثر لتلك المطالب سوى قتل النفس، القتل الجماعي، والمجازر. حتى لم يعد المتابع يعلم أين هو طرف الزمام، وبيد من هي خيوطه، فهل هؤلاء مجرد صور إعلامية غير مؤثرة، أم أنهم ينافقون ويصرحون نهاراً بغير ما يقررون ليلاً؟!
لقد أجرت السياسة الخارجية الأميركية ومعها البريطانية عدداً من التجارب في العراق خلال السنوات الماضية، وجميعها فشلت فشلاً ذريعاً، أصدقاء السياسة الخارجية الأميركية يبررون ذلك بسلسلة من الأخطاء، اسمها الحقيقي كوارث، ثمنها دفعه ويدفعه أبناء الشعب العراقي من دمه وثرواته، لكنها عين الرضا العوراء عن كل عيب كليلة، السياسة الأميركية أعلنت عجزها عن توفير الحد الأدنى من الاستقرار والأمن، اتركونا من الحديث عن الإعمار ويابان العرب، وانظروا إلى أين أوصلنا “الحلم الأميركي”.
سكان “يابان العرب” لا يبحثون عن شيء سوى الأمن. إنه مطلبهم الأساسي وربما الوحيد، فيما خيرات بلادهم تسرق علناً، وفيما أصبحت بلادهم مرتعاً للصوص والقتلة.
إذا عدنا إلى الذاكرة القريبة، نتذكر أن النفي الأميركي – البريطاني لاحتمالات حدوث حرب أهلية، كان جازماً وقوياً، بل تم توبيخ بعض العسكريين الذين توقعوا ذلك قبل استفحاله، لننظر إلى الواقع الآن، ولنعي أن أي نفي أميركي – بريطاني لا يعني سوى إثبات وضمان وقوع ما هو مقبل.
الدول العربية معنية بل مسؤولة، سواء من خلال الجامعة العربية أم من خلال المبادرات الثنائية.
المحتل الذي هدم الدولة، وسرح الجيش، ووزع العقود وكراسي السلطة، سيخرج اليوم أو غداً، وسيترك العراق لنا، نحن الأشقاء والجيران، فهل نقبل بعراق بلون الدم؟ أرض أصبحت وكراً للفوضى، وتحول أبناؤها الشرفاء إلى رهائن؟
على الدول العربية أن تجمع الفرقاء أنفسهم لا مندوبيهم. الحضور واجب على من يظهرون كزعماء في الإعلام، هؤلاء هم من يجب أن يجلس على الطاولة بإشراف عربي، يضع أمامهم مسؤولياتهم تجاه شعب مغلوب على أمره، لم ينعم بسنوات استقرار لعقود طويلة.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط