مجلس التعاون والعراق

دول مجلس التعاون معنية بشكل مباشر بما يحدث في العراق، والبيان الختامي لقمة مجلس التعاون أشار إلى قلق دول المجلس بسبب أوضاع العراق، وطالب بحل المليشيات. في رأيي المتواضع أن هذا لا يكفي، يجب أن تتقدم دول مجلس التعاون خطوات في هذه القضية المتفجرة، هذه الدول وكما عرف عنها دول محافظة ومسالمة، وتاريخها السياسي مع العراق ومع غيره يثبت بالأدلة أنه ليست لها أطماع ورغبات في الهيمنة، جل اهتمامها وغاية أهدافها أن يكون بلداً مستقراً يهتم بشؤونه الداخلية، في الحد الأدنى وإن اختلفت الآراء فلا يمكن مقارنتها بدول مثل إيران أو سورية، لهذه الأسباب ولأن عضوين من دول مجلس التعاون لهما حدود طويلة جداً مع العراق، تحتم هذه الحقائق السير إلى الأمام، والخطوة المطلوبة هي أن تتقدم دول مجلس التعاون بمبادرة مصالحة للعراقيين، يعد لها بعناية وتضم جميع الفرقاء العراقيين، لأن التعويل على حل أميركي أو انتظار ما يأتي به المستقبل ليس في مصلحة العراق ولا دول مجلس التعاون، لقد اتضح للجميع أن الولايات المتحدة وتحالف الشيطان الذي جمعته أعلن إفلاسه، وهو يستعد لتخفيف خسائره، وحتى لا يكون العراق الذي نعرفه قد أصبح في ذمة التاريخ، اقصد به العراق العربي والكيان الموحد، أي الدولة العراقية الحديثة، فمن الواضح أن المستهدف من أحداث العراق هو كيان هذه الدولة نفسها، القتل المتبادل وتفريغها من الكفاءات بالاغتيالات، والفساد المالي المستشري، والمحاصصة الطائفية التي أقامتها السياسة الأميركية الخرقاء وقبلها هدم منظم لمؤسسات الدولة، بدأ بالمتاحف والآثار وانتهى بالجيش والأمن.
ما يحدث في العراق أكثر شناعة مما حدث في الجزائر التي كان يضرب بها المثل في القتل على الهوية، وهو جار كبير ومهم لدول مجلس التعاون، ما يحدث فيه سيؤثر اليوم أو غداً على هذه الدول، هذا المنطلق وحده كاف لأن تتقدم دول مجلس التعاون وتسمع صوتها للمحتل الأميركي وشريكه البريطاني، وللساسة العراقيين، وتعلن عن مبادرة مصالحة، يدعى لها القيادات الحقيقية من السياسيين الذين يمسكون بالحكم الآن، هم بأشخاصهم وكياناتهم، ولا يُستثنى أحد، لقد ثبت أن الحكومة العراقية الحالية لم تستطع توفير الحد الأدنى من الأمن للمواطن العراقي، وهي لم تستطع مواجهة المليشيات وفرق الموت المجنونة، الاختراقات هناك في كل مجال وطالت كل مؤسسات الدولة.
لا يمكن لأي إنسان بعيداً عن مذهبه أو دينه أو عرقه أن يرضى بما يحصل للعراقيين في كل لحظة، ولو أن ما يحدث هناك حدث لحيوانات الفقمة على شواطئ ألاسكا لقامت الدنيا ولم تقعد، لهذا فإن قضية الوضع المتفجر في العراق يجب أن تكون ضمن أولويات العمل الخليجي، فلا يكفي إبداء القلق والمطالبات، لا بد من العمل، ودول التعاون لديها الإمكانات والصدقية وكذا المصلحة لإطلاق مبادرة عاجلة لتحقيق المصالحة العراقية.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.