معظم المتعاملين مع البريد الالكتروني يستقبلون كل يوم حزمة من رسائل النصب الأفريقية، تبدأ بعضها بعبارة “السلام عليكم”، مكتوبة بالأحرف اللاتينية، من السيد “ممبا هنكا”، أو السيدة “كوكو ساسا”، وغيرهم من أسماء لها رنة أفريقية تذكرك بأفلام طرزان وقبائل “الزولو” و “التوتسي”. تعودت حذف هذه الرسائل، فهي موجَة قديمة مستمرة، وكنتُ أظن أن مجتمعنا المتهم بفائض البراميل النفطية التي لا يُعرف حتى الآن هل هو فوقها أم تحتها، وهي متدحرجة إلى موانئ العالم، كنتُ أظن أنه هو المستهدف الوحيد من هؤلاء النصابين الذين يملكون ملايين الدولارات، كما يدّعون، ويبحثون عمّن يتمتع بها معهم، في نوبة كرم لا تتوافر سوى على ضفاف خط الفقر، ولأن “الموت مع الجماعة رحمة”، كما يقول المثل الشعبي، فقد ارتاحت نفسي وهدأت أعصابي وأنا أرى تحقيقاً تلفزيونياً “أجنبياً” في إحدى المحطات عن جهود البوليس الدولي (الإنتربول) في ملاحقة هؤلاء النصابين، وإذا بخدعهم قد انطلت على جنسيات مصنفة عالمياً من فئة الخمسة نجوم، أقصد به جنس الـ vip عالمياً، الذي كان يُعرف باللون الأحمر أو الأبيض، ثم أصبح لون الجواز “الكبير” نسبة للدول الكبرى، سيد الأعراق، تلك الفئة التي يبتسم لها كل موظفو الجوازات في العالم… والعربي خصوصاً، ويفسحون لحامليها الطريق، من دون إيقاف و “مرمطة”، ومن غير نظرات شكوك أو حركات تلكك وتمسح، بحثاً عن إتاوة بمسمى إكرامية، أو “بخشيش”.
اشتكى بعض من هؤلاء على جهاتهم الأمنية، قائلين إنهم تعرضوا للنصب من على بعد آلاف الأميال، بواسطة البريد الالكتروني فسُرِقَتْ أموال من حساباتهم، ولأنها جهات أمنية تعطي قيمة لكل بلاغ ولحقوق أصحابه، ولا تعرف مبدأ “البقا براسك” ولا مبدأ “إذا سلم العود الحال يعود”، ولا قولهم المأثور “أنت اللي جبته لنفسك..!”، قامت، جهاتهم هناك، بالتعاون مع شرطة “الإنتربول” بتتبع سيل الرسائل والبحث عن مصادرها، وكشفت الكاميرا للمشاهد غرفاً من الصفيح، أي “صنادق شينكو”، في دولة وسط القارة السمراء، في “الصندقة” الواحدة خمسة أجهزة كومبيوتر يتناوب عليها جماعة “ممبا وساسا” ويضخُّون منها رسائل الطُّعْم الكاذب، وقُبِض عليهم فظهروا مخفورين مصوَّرين. حمدتُ الله تعالى كثيراً أننا “عود من عرض حزمة”، وصدقتُ مقولة: “يحصل في أرقى الدول”، ثم علمتُ لماذا هناك أجناس من البشر فئة خمسة نجوم، وأجناس أخرى، مصنفة من البشر أيضاً، ترى النجوم في عز الظهر، لو فكرتْ بملاحقة حقوقها أو طلب التعويض عما سُرِق منها.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط