“كأنك في جدم”

أضيفه إلى الأمثال، “كأنك في جدم”، مثل جديد جاءني ساعة كتابة المقال، لذا فإن حقوق “القول” محفوظة للموقع أدناه، ولكل مثل قصة، إلا أن لهذا المثل قصصاً “مخجلة”، روي جانب منها على صفحات الصحف، وبعض آخر محفوظ في أفئدة فقراء وضعفاء لا يملكون حيلة إلا الدعاء، وأمره عظيم. “جدم” هي أحد مراكز محافظة الليث (غرب السعودية). اشتكت هذه المحافظة ومراكزها من البؤس والفقر وأمراض انقرضت من أصقاع الأرض. كتبت عنها هنا، ولأن الفقر قاعدة للمصائب، ومفرخة للويلات، ولأن الإهمال سبب لسوء الأحوال، انتشر مرض غير معروف، فتك بالماشية القليلة التي يعتمد عليها السكان، وإلى حين كتابة هذا المقال مات أكثر من 200 رأس من الماشية، لفقراء يعتمدون عليها، ولم يحرك نشر صحيفة “الرياض” الخبر في بدايته عندما كان العدد أقل من نصف ذلك ساكناً. ولك أن تصدق أو لا تصدق. أحسست أن الصحافي الذي نشر الخبر استبشر بالمرض. لعله قال في نفسه يمكن أن يحرك الساكن مثلما حركت حمى الوادي المتصدع وزراء ومسؤولين في ذلك الحين، “لكنك في جدم”، وهذا يعني أنك تقريباً في العدم. في “جدم” وما حولها لا سامع لمناد، ولا نجدة لمستغيث. بعد أن أنهك البؤس أهلها، فتكت الأمراض بحلالهم، لكنك في جدم، حيث إن فرع وزارة الزراعة المعنية بالقضية وقف مكتوف الأيدي، فلا شخّص المرض ولا قدّم الدواء، ولا حرّك ساكناً. وكنت عزمت على أن يكون عنوان المقال “النوم في الروبيان”، لأن وزير الزراعة كان، وقتها، قريباً من الحدث “جغرافيا”، زار مشروع الروبيان الضخم وتفقد “القنفذة” وهي غير بعيدة من الليث، يظهر أن من حوله لم يخبره عن كارثة على بعد كيلومترات منه؟ وهو بحكم الوزارة معني بها، قد يكون علم او لم يعلم، لست أعلم! وأقرأ عن مشاريع إسكانية للأصدقاء في سيريلانكا، ومشاريع تطوير للأنظمة الصحية هناك مساعدة من الحكومة السعودية، فيغص فمي بالماء، “إلى أين يسعى من يغص بماء”؟ فحاولت أن أقول أين همة المسؤولين عن مشاريع مماثلة في الليث ومن في حكم أوضاعها، لكننى لا أستطيع القول لأن في فمي ماء، ويتبع لمركز “جدم” قرية اسمها “بيرين”، ليست بئراً واحدة بل “بيرين”، وهنا اكتشفت أنها حالة سيامية متلاصقة جديدة، فلماذا لا يهتم بها ويتم فصل الفقر والمرض عن سكانها؟ هل الاهتمام بالحالات السيامية ناتج من أنها لا تزال في مرحلة البداية، وحالة “سيامية الليث” مع المرض والفقر اللذين طالا البشر والحيوان حالة متقدمة! أفيدونا نوّر الله تعالى أفئدتنا وأفئدتكم، لست أعلم لكننا في “جدم”، لذا أقول لأهالي الليث كونوا “روبياناً” أو حليباً! ربما يتم الاهتمام بكم، لأن حمى الوادي المتصدع “فاتت عليكم”.. ألستم في “جدم”؟

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.