قارئ ذيل رسالته باسم “واحد بيحب البلد دي”، ينبه إلى حالات الانتحار وتكاثرها بين العمالة، ويركز على حالة انتحار خادمة نشرتها “الحياة”، العجيب أن تلك الخادمة لم يمض على وصولها إلى البلاد سوى خمسة أيام! وأزيد على ما ذكره الأخ “الحبيب”، حوادث انتحار الرعاة في الصحاري، هناك حالات لأولئك تُنشر بين فينة وأخرى، تخيل لو كان عدد الأشجار في صحارينا أكثر؟
وأعرض هنا جزءاً من الرسالة، لنتمكن من نقاش هذه القضية (انتحار خادمة بعد خمسة أيام فقط من وصولها يستحق وقفات وتحليلات. بما أنك سعودي الجنسية فإنني سأشرح لك إحساس القادم إلى هذه البلاد.
فرحة كبيرة جداً، إحساس بأنك ستملك الدنيا والآخرة معاً، سترى الحرم وتعتمر وتحج وتزور رسول الله صلى الله عليه وسلم وفوق ذلك سترى أبناء الصحابة وتعيش معهم في أطهر مكان على الأرض، وستملك الدنيا، وتجني أموالاً طائلة، تعين نفسك وأسرتك واهلك، وتحقق جميع أحلامك. ثم تأتي وتنتحر بعد خمسة أيام، قبل ان تزور حتى الحرم، قبل ان تسلم على رسول الله، قبل ان ترسل إلى اهلك راتب نصف شهر). انتهى.
بصراحة أحرجني الأخ “واحد بيحب البلد دي”، عندما قال “وسترى أبناء الصحابة وتعيش معهم في أطهر مكان على الأرض”، رضوان الله تعالى على الصحابة أجمعين، أين نحن منهم؟… بُعد الثرى عن الثريا ومثله معه! “خليني ساكت”.
أما أحلام القادمين إلى السعودية فهي كبيرة جداً، ويقوم الوسطاء بتضخيمها، لتصبح صدمة الواقع أشد وطأة، وهي أرض طاهرة وهذا لا يعني ان جميع من يدب عليها طاهرون، بل ان هذه الطهارة قد تكون سبباً لأن يستغلها البعض مواطنين كانوا أو غيرهم، وتقع على حكومات هذه العمالة مسؤولية مشتركة مع الجهات المعنية في السعودية، للتوعية وإظهار الأوضاع على حقيقتها، وتجد ان ما تحرص عليه الشركات الجالبة للعمالة كل الحرص، هو تحفيظ العمال السلام باللغة العربية “السلام عليكم”، لذا تجد العامل “المستجد” يسلم عليك عشر مرات خلال خمس دقائق، وبعد أن يُمضي شهوراً قد لا ينظر إليك بطرف عين، ربما لأن الشركة التي يعمل فيها تأخرت في صرف الراتب، مع أن لا علاقة لك بذلك! لكنها شركة على ارض طاهرة! وقديما قيل “الشر يعم والخير يخص”، والمتابع للصحف السعودية والحوادث التي تنشرها ربما يقول إنها ارض أحلام للصوص، كل شيء يُسرق، فيجد بعض العمال صورة مناقضة عن تلك الصورة التي أوردها الأخ “واحد بيحب البلد دي”، وللأمانة لم يكتف بذلك الإحراج، حيث بقي على “مصريته”، فأضحكني بتعليق عن السرقات. غداً – بعون الله تعالى – نضحك على الجرح.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط