سحر الشهادة

بعد عشرة أعوام من الزواج قررت الزوجة طلب الطلاق… السبب أن زوجها لم يعد “من مستواها الفكري والثقافي”! نصائح الرفيقات ولمعان الشهادات فتح عيونها المغمضة، لتكتشف بعد عقد من الزمان “عدم وجود تكافؤ”! توضح لنا القصة التي نشرتها جريدة “الرياض” وحدثت في جدة، أنه خلال سنوات الزواج العشر استطاعت الزوجة تحسين مستواها الدراسي إلى أن حصلت على الشهادة الجامعية، في حين ظل الزوج متمسكاً بشهادة الكفاءة المتوسطة. يقول الزوج إنه هو من كان يبذل، ويدفعها للاستمرار وطلب الشهادة، حتى تخرجت في الجامعة، ثم سعى لتوظيفها حتى وجدت عملاً واستقرت، فكان أن طلبت الفراق على رغم وجود أولاد.
خصوصية هذه الحادثة أنها مختلفة عن القصص الشائعة بين الناس. في العادة يكون الزوج هو “المَيَّة من تحت الغربال”، وقيل ما قيل في قلة وفائه. المتداول من هذه القصص يكون كالتالي، بعد أن يكسب الزوج الثقة يقوم بالاستيلاء على مدخرات الزوجة، ربما يستغل اسمها للحصول على قروض أو بتقسيط سلع أشهرها السيارات، عندما يتورم الرصيد يهدي لها ضرة جديدة أو يطلقها من دون نفقة. يظهر في المشهد التلفزيوني وهو يختار ورق الحيطان للمنزل الجديد مع العروس الجديدة. حكايات أخرى تكون فيها الزوجة السند الذي دفع الزوج لإكمال تعليمه أو نجاحه، وعندما يصل إلى الهدف تصبح الزوجة “دقة قديمة”، ويحتاج إلى تجديد يليق بالشهادة والمكانة. ومن نافلة القول إنها تصرفات أنانية.
القصة التي ذكرتها تشير إلى “تطور” نوعي وطلائع هجوم نسائي، الزوجة طلبت الطلاق “لعدم التكافؤ في الفكر والثقافة”، ولو قالت لعدم التكافؤ في الشهادات لكان أبلغ، لأن الشهادة ليست بالضرورة دليلاً على الدخول في دائرة الفكر والثقافة أو التأثر بهما، من وظائف الفكر والثقافة الإضافة للإنسان، الفكر والثقافة يضخمان القيم الطيبة داخل الفرد، إذا لم يحدث ذلك فليس هناك من فكر أو ثقافة حتى لو وصف المرء بهما، أما التشدق بالشهادة “وحدها” فهو مدعاة لتضخم القيم السلبية، أقلها الاستعلاء والأنانية.
وعندما قرأت القصة تذكرت حرص بعض “الرجال” على الحصول على شهادات الدكتوراه، وكأنهم يستشرفون المستقبل، لذلك استعدوا بتحصين المواقع! ومشكلة الزوجة سالفة الذكر أن طريق الشهادات أمامها طويل، هذه المقاييس ستعيش معها طوال العمر، ربما لن تكون لمصلحتها، استُخدم الزوج كسلم للترقية الاجتماعية الفارغة، ربما هو نادم على الجهود التي بذلها، أقول له وسع صدرك و “اللي يبيعك رخيص بيعه دين”.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.