عندما تتحدث الأرقام

عشرة بلايين دولار للإبداع والمعرفة والتنمية البشرية في العالم العربي، رقم كبير من رجل كبير، وهو في الحقيقة رجل يخرج كل فترة بفكرة مدهشة جديدة، الشيخ محمد بن راشد بن مكتوم، قدم هذا “الوقف” لمؤسسة أنشأها للتنمية البشرية في العالم العربي، تنمية هذا القطاع بحال لا يعلم بها إلا الله تعالى، في القمة، المبدعون والمخترعون هم أكثر المستهدفين لبرامج الهجرة إلى الغرب، حتى مللنا مصطلح “العقول المهاجرة”، وهنا يقدم الشيخ محمد أملاً بإيقاف نزيف هذه الهجرة، حتى تسهم هذه العقول في إصلاح جسد عالم عربي يشكو ويئن من الداخل والخارج، ويقدم أملاً آخر للعقول الرافضة لخيار الهجرة.
إلى وقت قريب كنا نقرأ ونكتب عن مبادرات غربية في أوطانها، اشهرها مبادرة بيل غيتس للتبرع بمبالغ ضخمة من خلال مؤسسات قادرة على الإفادة والاستفادة من التبرع، فلا تتحول إلى مؤسسات توظيف تقتات على أصل التبرع أو الوقف. لعل مبادرة الشيخ محمد بن راشد تدفع الموسرين في العالم العربي، وهم كثر، ليحذوا حذوه، وفي هذا فليتنافس المتنافسون، بدلاً من تلك التبرعات العجيبة لجهات وجامعات أجنبية خارج عالم العرب، بحثاً عن أوسمة وألقاب هناك من رجال أعمال عرب حققوا ثرواتهم أصلاً داخل حدود بلدانهم!
مبادرة الشيخ محمد بن راشد وسام على صدره، يضاف إلى وسام مدينة دبي التي أصبحت قبلة رجال الأعمال والسياحة في زمن قصير.
 ومن اللافت في المبادرة أن الحملة الإعلانية للتعريف بها تقول: “تلك هي البداية”، وهو ما يعني أن هناك خطوات أخرى في الطريق، وبقدر أهمية المبادرة وأمل عريض أن تسهم في تغيير واقع عربي محزن، لا بد من أن يعتري الإنسان خوفاً عليها، تجارب العالم العربي في كثير من المبادرات الجميلة لا تدفع للتفاؤل، إلا أن الأمل بالله تعالى أولاً وأخيراً ثم بقدرات إدارية شاهدنا تجسيداً لإمكاناتها في إمارة دبي.
في جانب آخر، ومن موقع “الإمارات اليوم”، خبر يبدو بسيطاً إلا أنه بعيد في مغزاه، عامل نظافة آسيوي يحصل على جائزة برنامج حكومة دبي للأداء المميز، إذ حصل عامل النظافة “سيد سليمان” على مبلغ 50 ألف درهم إضافة إلى ترقية، نتيجة لتفانيه في عمله، سلم الشيخ محمد بن راشد الجائزة والتقط صورة معه، لك أن تتخيل أثر ذلك على العمالة الأجنبية في دبي، الأثر الايجابي والمتوقع يدفع إلى طرح سؤال مهم، هل نقوم بما يكفي لجعل العمالة الأجنبية المنتشرة في الخليج أكثر نفعاً وأداء للمجتمعات التي استضافتها، بدلاً من النظرة إليها نظرة شمولية غارقة في الشكوك.