صحافة مصر مشغولة بقضية تصدير العمالة المنزلية إلى السعودية، وكتاب المقالات فيها تنافسوا في رفض هذا التوجه وصبّوا جام غضبهم على وزيرة القوى العاملة المصرية، بعض من كتب اعتبر ذلك تفريطاً في الكرامة والشرف! وقال بعض آخر إن العاملين المصريين في الخارج يهددون بالعودة بسبب هذه القضية، في تقديري إن هذا يدخل من أوسع أبواب “مَنْ صدّق فلا عقل له”، ولم يخلُ الأمر من الغمز واللمز الذي طاول المجتمع السعودي، وكأنه غابة مظلمة لا تنمو فيها سوى أشجار الغرائز وسوء المعاملة.
من حيث المبدأ أتفق مع الكتاب والصحف في رفضهم تصدير العمالة المنزلية إلى السعودية والخليج، لأسباب أخرى غير التي ساقتها الصفحات والأعمدة الصحافية هناك، ومن جهتي أطالب وزارة العمل السعودية – وهي الجهة الحكومية المعنية بالتحدث والتفاوض حول العمالة والاستقدام – بأن تستجيب لرؤية الصحافة المصرية، بخاصة أني لاحظت تطابقاً في هذه الرؤية بين صحف تختلف في كل أمر آخر. من هنا أتمنى على وزارة العمل ألا تعترف بمذكرات تفاهم وقعتها أو تسعى إلى توقيعها لجنة خاصة لا تمثل سوى قطاع خاص محدود، فلم نكن بحاجة إلى هذه الزوبعة الإعلامية وما يعتريها من ملوّثات.
والحقيقة أن اللجنة الوطنية للاستقدام في السعودية، لا تمثل سوى وجهة نظر تجار الأيدي العاملة داخل مجلس الغرف التجارية السعودية، فهي ليست جهة حكومية، وليست جهة شعبية، وإن صُبِغ اسمها بالوطنية، والأمر المستغرب أن يطوف رئيس هذه اللجنة البلدان ويقابل المسؤولين ويوقع مذكرات تفاهم، فهل تم خصخصة الوزارات في السعودية؟ أيضاً هذه اللجنة تصدر بيانات وتصريحات صحافية عن سوق العمالة، بين فترة وأخرى، مرة الإندونيسية ومرة أخرى الفيليبينية، وحالياً المصرية، وكأنها المتصرف الوحيد في العمالة وجلبها إلى السعودية، والمثير للدهشة هو اسم هذه اللجنة، فهي اللجنة الوطنية للاستقدام، ولك أن تشرب على جرعات لجنة وطنية للاستقدام في بلد يعاني من البطالة، وحشر الوطنية في كل اسم تجاري هو تقليد سعودي، وضعت الوطنية في سندويتش اللجنة، ولك الحق في أن تسأل ما دورها الوطني لتستحق هذه الصفة؟ وما أثرها في العمالة الوطنية؟ وهل حاولت أن تفعل شيئاً للمواطن؟
والوجه الآخر لهذه اللجنة “الوطنية” هو حقوق زبائنها من المواطنين وغيرهم، ففي حين يتحصّن رجل أعمال الاستقدام داخل أسوار غرفة ولجنة تحافظ على حقوقه وامتيازاته، يبقى “صاحب العمل” ضائعاً مثل حقه، لا يجد جهة تحميه، وهو المتعارف عليه، ولا يريد أحد تغييره، بقي
أن تخرج وزارة العمل عن صمتها وتضع النقاط على الحروف، لتعرف كل لجنة حدودها، فلا تفتح ملفات لا تستطيع إغلاقها.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط